يوم دراسي احتفائي بجهود الباحث المغربي السيميائي سعيد بنكراد في موضوع: “السيميائيات ونظرية المعنى” 2014

بسم الله الرحمن الرحيم. 

ينظم مختبر “الترجمة وتكامل المعارف” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش وفريق البحث في “الترجمة والتعليم” بكلية الآداب بأكادير يوما دراسيا احتفاء بجهود المفكر والباحث السيميائي المغربي سعيد بنكـراد في موضوع: “السيميائيات ونظرية المعنى” يوم 06/ 02/ 2014

ورقة تقديمية

تعتبر المقاربة السيميائية إحدى المقاربات المنهجية الرائدة لدراسة مختلف أشكال الخطابات؛ فقد فرضت منهجيتها على الدراسات المعرفية والإنسانية بصفة عامة منذ السبعينات من القرن الماضي. وقد أسهمت خصوصية “المشروع النقدي السيميائي” في فتح آفاق جديدة أمام الفكر، بصورة جعلت المقاربة السيميائية تنظر إلى الظاهرة الأدبية أو الاجتماعية بعمق النظر واتساع في التأويل.

وقد أظهرت المعالجة السيميائية انفتاحا في آلياتها المنهجية؛ سواء على مستوى المنهج أو المصطلح، أو على مستوى الرؤية النقدية، فتمكنت من اقتحام مختلف مجالات النشاط الثقافي البشري. فآلياتها المعرفية لا تتوقف عند حدود الخطاب اللغوي، بل ترمي إلى تناول مختلف مجالات الوقائع الثقافية. وكان دور المعنى وإنتاجه في هذه المعالجة دافعا أساسا يحرك السيميائي ويوجهه نحو دراسة الأنساق المعرفية المختلفة التي تؤطرها العلامات اللغوية؛ حتى اعتبرت السميائيات ” آلية كل العلوم”.

وكان هدف الاتجاهات السيميائية من كل ذلك، هو مقاربة القضايا والإشكالات التي تُطرح ضمن مجموعة من الممارسات النقدية عبر تتبع ودراسة العلامات والأنساق اللغوية وغير اللغوية، كما يشير إلى ذلك الدكتور إدريس جبري بقوله: “كل النصوص والعلامات والأشياء والأشكال اللغوية وغير اللغوية… تتضمن معنى ما أو معان ما، قد تبوح بها وقد تسكت عنها، وتظل مهمة الباحث السيميائي في هذا المجال رهينة بمدى قدرته على استخراج هذا المعنى وإنتاجه بل واستنطاقه وتكليمه”[1].

ولهذا لم يكن اهتمام الدراسات السميولوجية بالخطاب الأدبي أمرا اعتباطيا، بل كانت هناك ضرورة ملحة جعلت من المقاربة السيميائية للنص الأدبي مفتاحا أساسا يتسلح به المحلل للولوج إلى أعماق النصوص والخطابات قصد مساءلتها وتأويلها. وفي هذا الصدد، تندرج العديد من الدراسات التي تجمع بين التخصص والرغبة الملحة في الدفع بالدرس السيميائي إلى الأمام.

ويعد المفكر السيميائي المغربي الدكتور سعيد بنكراد أحد رواد الدرس السيميائي في الوطن العربي ممارسة وتنظيرا؛ وذلك لإسهامه في تقريب الدرس السيميائي من الحقول المعرفية الأخرى؛ كالترجمة، والنقد الأدبي، والتحليل السردي، وغيرها.

كما أسهم بآرائه النظرية المتميزة في بلورة أفكار متجددة في الدرس السيميائي في الجامعات المغربية على الخصوص، والجامعات العربية بوجه عام منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي؛ فتميزت كتاباته بتجاوز السائد والمألوف في الكتابات النقدية السيميائية العربية من خلال آرائه النقدية التي تركز على الإنتاج المعرفي، وعلى إعادة قراءة الخطابات السردية وفق أساس سيميائي جديد؛ أعاد النظر من خلاله في الكتابة والرؤية والقراءة والمعنى والدلالات، وكل ذلك وفق تصور يوحد بين أشكال الخطابات المتعددة، وينظر إلى العلامة بوصفها مجموعة من الشفرات والآليات والوقائع والأفعال والممارسات النسقية.

لقد مثل الدكتور سعيد بنكراد تجربة رائدة في هذا الاتجاه، بإسهاماته الواضحة المعالم، التي تشهد على وضوح المنهج والرؤية في كثير من المواضيع التي تؤدي أدوارا مختلفة في دراسة النص عبر آليات مختلفة؛ كتقنيات التواصل، وآليات الإقناع المختلفة.

إن هذا اللقاء العلمي مناسبة للباحثين المتخصصين لمناقشة عدد من القضايا والإشكالات ذات الصلة بالدرس السيميائي ونظرية المعنى، والحديث عن فضل هذا الرجل في بناء صرح الدرس السيميائي في الوطن العربي، وذلك من خلال المحاور الآتية:

 

* خصوصيات المشروع النقدي السيميائي، ومستوياته المنهجية والنقدية.

* الكفاية السيميائية ودورها في فهم أشكال الخطاب.

* دور المعنى في بناء المقاربة السيميائية.

* السيميائيات بين قصدية الخطاب وتقنيات التواصل.

* آفاق الدرس السيميائي وتحليل الخطاب .

* المنهج السيميائي وإشكالية التعدد.

* السيميائيات والترجمة في مشروع الدكتور سعيد بنكراد.

 

برنامج اليوم الدراسي “السيميائيات ونظرية المعنى” احتفاء بجهود المفكر المغربي الدكتورسعيد بنڭراد

    جامعة القاضي عياض

كلية الآداب والعلوم الإنسانية

مراكش

دعــــــــــــــــــوة 

تتشرف عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية  ومختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب – مراكش

             وفريق البحث  في الترجمة والتعليم  بكلية الآداب- أكادير بدعوة فضيلتكم – أساتذة وطلبة – لحضور أشغال اليوم الدراسي:

احتفاء بجهود المفكر والباحث السيميائي المغربي الدكتور سعيد بنڭراد

في موضوع: “السيميائيات ونظرية المعنى”

يوم  6  فبراير 2014  بقاعة المحاضرات – كلية  الآداب.   

الجلسة الافتتاحية

09:00 – 10:00

رئيس الجلسة: د. مولاي مصطفى أبو حازم

كلمة السيدة عميدة

كلية الآداب- مراكش.

كلمة فريق البحث  في الترجمة والتعليم بكلية الآداب – أكادير.

كلمة مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب -مراكش.

استراحة شاي

الجلسة الأولى

10:00 – 13:00

رئيس الجلسة: د. عبد الواحد ابن ياسر

د. حسن  الطالب: كلية الآداب جامعة ابن زهر  – أكادير.

               «  سعيد بنڭراد مترجما »

د. إدريس جبري: كلية متعددة التخصصات – الراشدية

« السيميائيات “المناضلة” خطاب المعنى وسؤال التحديد عند الدكتور سعيد بنڭراد: من بداهة النفعي إلى نسبية الثقافي»

د. شرف العرب الداودي: كلية اللغة العربية  جامعة القرويين – مراكش.

« المشروع السيميائي المغربي: مصداقية الإجراء»

د. أحمد الفوحي: كلية الآداب  جامعة مولاي إسماعيل- مكناس.

«سيميائيات الأهواء: نموذج الترجمة العالمة»

د. إبراهيم أسيكار: أستاذ باحث – أكادير.

« قراءة في ترجمة الاستعارة وتأويلها في مشروع سعيد بنڭراد»

د. مصطفى عيشان: كلية الآداب جامعة القاضي عياض – مراكش.

              « سيميائية العلامات والخرائط من المحايثة إلى الرمز»

الطالبتان الباحثتان: حنان واسنوان وخديجة أبوه:  مختبر الترجمة وتكامل المعارف – مراكش

« قراءة في كتاب الصورة الإشهارية آليات الإقناع والدلالة»

مناقشة

الجلسة الثانية: 15:00 – 18:00

مائدة مستديرة:

تحت عنوان:

« السيميائيات ونظرية المعنى»

ضيف المائدة المستديرة:

د. سعيد بنڭراد

يدير الجلسة: د. أحمد كروم

بمشاركة:

       د. بوركي عبد الرفيق: كلية الآداب- بني ملال. 

       د. محمد أيت الفران: كلية الآداب – مراكش.

       د. علي القاسمي: باحث ومترجم – الرباط.

       د. عبد الواحد ابن ياسر: كلية الآداب-   مراكش.

       د. عبد الحي العباس: كلية اللغة العربية – مراكش. 

        د.محمد خطابي: كلية الآداب – أكادير.

       د. محمد العمري: كلية الآداب – مراكش.

       د. مولاي مصطفى أبو حازم:كلية الآداب- مراكش

       د. مولاي يوسف الإدريسي:كلية الآداب-مراكش.

        د. محمد واكريم: كلية الآداب – أكادير.

       د.فيصل الشرايبي: كلية الآداب – الدار البيضاء.

       د.عبد السلام جامعي: كلية الآداب -مكناس.

         د.صديق عبد الحي: كلية الآداب -مراكش.

         د. حسن المؤدن: أستاذ باحث – مراكش

         د. أيوب بوحوحو: كلية الآداب مراكش.

         د. أحمد الراضي: كلية الآداب- مراكش.

         د. حسن الطالب: كلية الآداب – أكادير.

         د. إدريس جبري: كلية متعددة التخصصات – الراشيدية.

        د. شرف العرب الداودي: كلية اللغة-مراكش.

       د. أحمد الفوحي: كلية الآداب – مكناس.

       د. مصطفى عيشان: كلية الآداب – مراكش.

        د. إبراهيم أسيكار: أستاذ باحث – أكادير.

        د. عبد الله الحلوي: كلية الآداب – مراكش.

        د. عبد القادر مراح: كلية الآداب – مراكش.

        د.عبد الحميد زاهيد: كلية الآداب- مراكش.

      كلمة المحتفى به : د. سعيد بنڭراد.

      الكلمة الختامية.

اللجنة المنظمة

  للا مريم بلغيثة – عبد العزيز أيت بها

  هدى روض – سعيد قطفي

  أسماء كويحي – حنان مضاري

   حنان الصالحي – حنان واسنوان  

   ٍليلى الغزواني – عبد العزيز جابا الله  

 محجوبة البافور – عبد العزيز التزكيني  

   محمد واسكسو

ملحوظة: 20 دقيقة لكل مداخلة

 

تقرير عن أشغال اليوم الدراسي في موضوع “السيميائيات ونظرية المعنى”

احتفاء بجهود المفكر والباحث السيميائي المغربي الدكتور سعيد بنكراد

بتاريخ 06 فبراير 2014

برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش.

 

نظم مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش، وفريق البحث في الترجمة والتعليم بكلية الآداب – أكادير، يوما دراسيا في موضوع: “السيميائيات ونظرية المعنى”، احتفاء وتكريما لجهود المفكر والباحث المغربي في مجال الدراسات السيميائية الدكتور سعيد بنكراد، وذلك بتاريخ 06/فبراير/2014، برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش.

وتضمن برنامج هذا اليوم الدراسي إضافة إلى الجلسة الافتتاحية– جلسات علمية، تخللتها مداخلات ثلة من السادة الأساتذة الباحثين من مختلف كليات الآداب ومراكز البحث بالمغرب، كما تضمن مائدة مستديرة في نفس موضوع اليوم الدراسي، وتوج هذا النشاط العلمي بجلسة تكريمية للأستاذ الدكتور سعيد بنكراد، اعترافا بجهوده العلمية في حقل الدراسات السيميائية والترجمية.

الجلسة الافتتاحية:

ترأس الجلسة الافتتاحية الدكتور مولاي مصطفى أبو حازم، من شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش، وقد تضمنت هذه الجلسة كلمات الجهات المنظمة لأشغال هذا الملتقى.

انطلقت أشغال هذه الجلسة بكلمة افتتاحية لرئيس الجلسة الدكتور مولاي مصطفى أبو حازم الذي استهل الجلسة بأسمى عبارات التقدير والترحيب بالضيف المحتفى به سعيد بنكراد، وبنائب السيدة عميدة كلية الآداب جامعة القاضي عياض بمراكش الدكتور سعيد بوجروف، وأيضا جميع الضيوف والمشاركين من أساتذة وطلبة باحثين، بعد ذلك توقف رئيس الجلسة عند بعض المجهودات والإسهامات التي يقوم بها مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب -مراكش، والذي يعود إليه الفضل إلى جانب مختبر الترجمة بكلية الآداب ابن زهر -أكادير- في تنظيم وتأثيث فعاليات هذا اليوم الدراسي احتفاء بمجهودات الدكتور سعيد بنكراد الفكرية والثقافية، كما توقف رئيس الجلسة للإشادة بمجهودات الدكتور عبد الحميد زاهيد الذي يسهر على تسيير مختبر الترجمة وتكامل المعارف، وأيضا العمل على إنجاح أنشطته التي أكسبت الفضاء الثقافي والمعرفي بالكلية حيوية ونشاطا، ثم انتقل رئيس الجلسة إلى رصد بعض الإشارات المتعلقة بموضوع اليوم الدراسي “السيميائيات ونظرية المعنى”، حيث بين أن الانصهار سمة أساسية بين المعنى والسيميائيات وأن الحياة كلها مرتبطة بالمعاني والسيمياء.

بعد ذلك انتقلت الكلمة للسيد نائب عميدة كلية الآداب الدكتور سعيد بوجروف، الذي ألقى كلمة باسم عميدة الكلية، وتوقفت كلمة السيدة العميدة عند أهمية اللقاء الذي يمثل قيمة ثقافية وفكرية، وذلك نظرا لقيمة المحتفى به الدكتور.سعيد بنكراد، كما أبرزت دور هذه اللقاءات في تطوير البحث والتكوين بالنسبة للطلبة الباحثين، وبهذه المناسبة تقدمت السيدة العميدة بالشكر والعرفان لمختبر الترجمة وتكامل المعارف الذي يسهم في تأثيث الفضاءات العلمية والفكرية بالكلية من خلال أنشطته المكثفة، وخزانته الخاصة التي أضفت نشاطا وحيوية على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، وهذا كله يندرج ضمن مشروع أكبر وهو تقوية صرح الجامعة المغربية وتخريج أفواج مؤهلة من الطلبة الباحثين.

بعد ذلك أعطى رئيس الجلسة الكلمة للدكتور أحمد كروم الذي ألقى كلمة باسم فريق البحث في الترجمة والتعليم بجامعة ابن زهر كلية الآداب بأكادير، والتي أعرب فيها عن سعادته البالغة للشراكة التي تجمع بين مختبري الترجمة بأكادير ومراكش، والتي توجت بهذا الاحتفاء الراقي، الذي يستضيف اسما رائدا في الثقافة العربية والمغربية، والذي أغنى المكتبة العربية بأبحاثه السيميائية القيمة.

بعد ذلك توقف عند بعض الأغراض الرئيسة من هذا اللقاء الدراسي، والتي أجملها في النقاط التالية:

أ  -الاحتفاء بالرموز العلمية والأكاديمية في الثقافة المغربية، والثقافة لا تولد إلا من صدور الرجال.

ب -تقريب الطلبة ودعوتهم إلى الاستفادة من الطرائق والآليات المعرفية واللسانية.

ج – الاستماع إلى الأبحاث الناصعة التي استفادت من فكر ومشروع الدكتور سعيد بنكراد.

ثم اختتم كلمته بشكر كافة المشاركين في هذا الاحتفاء الثقافي، وعلى رأسهم المحتفى به الدكتور سعيد بنكراد لتلبيته الدعوة.

ثم تناول الكلمة بعد ذلك الدكتور عبد الحميد زاهيد مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب – مراكش، الذي استهل كلمته بالشكر والترحيب لكل المشاركين والضيوف من أساتذة وطلبة باحثين، وخص الضيف الكريم الدكتور سعيد بنكراد بعبارات ترحيبية عكست الطابع الاحتفائي لهذا اليوم الدراسي، حيث أكد الدكتور زاهيد على أهمية الاعتراف بالجميل للعلماء والمفكرين لأنهم آثروا نكران الذات من أجل العطاء وبناء صرح المعرفة، كما بين للطلبة الباحثين أهمية هذه اللقاءات والدور الذي تلعبه في بناء مسار بحثهم وتكوينهم المعرفي والعلمي، مع ضرورة الاعتراف بالجميل لدوي الفضل بفضلهم ، لأن من شيم العلم والثقافة التي يسعون للرشف من معينها وتعلمها الاعتراف بالجميل لذويه، ثم اختتم كلامه بالشكر الخاص لكل الفاعلين والمشاركين في هذا اللقاء كل واحد باسمه .

الجلسة العلمية الأولى:10:00-13:00

ترأس الجلسة العلمية الأولى الدكتور عبد القادر حمدي، من كلية الآداب جامعة القاضي عياض-مراكش، وافتتح هذه الجلسة الدكتور حسن الطالب من جامعة ابن زهر، كلية الآداب -أكادير، بمداخلة في موضوع: “سعيد بنكراد مترجما“.

تناول الدكتور حسن الطالب الموضوع من خلال محورين:

1/سعيد بنكراد إنسانا: وأثار الباحث في هذا المحور ثلاث مزايا في المحتفى به:

+الانضباط والتفاني عملا وإشرافا.

+استقلالية المواقف استقلالا تاما.

+الجدية والتجدد والاستمرارية تأليفا وترجمة، وتتضح هذه الجدية من خلال طبيعة مواضيعه، وكذا جهازه المفاهيمي، وخلفياته المعرفية التي يتسلح بها، أما مسألة التجدد فتتضح في انفتاحه على السيميائيات بكل فروعها.

2/سعيد بنكراد مترجما وبين فيها الباحث جملة من النقاط أهمها:

+أن كتابات سعيد بنكراد لها نسقيتها في الحقل السيميائي رغم عدم وجود إشارات تنبئ بمنهجه في الترجمة.

+الحرية في التفاعل مع النصوص لاستنبات معرفة جديدة في الترجمة، وغايتها إعادة بناء المعنى.

+تعامل الدكتور بنكراد مع تصورين اثنين، أولهما: جعل اللغة العربية منتجة ومتفاعلة مع اللغات الأخرى، وثانيهما يرتبط بمسألة احتفائه بالمعنى، إذ لا فرق عنده بين الاحتفاء بالمعنى في التأليف، أو في الترجمة.

+الترجمة عند سعيد بنكراد مراكمة نوعية، لأنها تؤسس لحوار فعلي عنده.

+ لا ينظر بنكراد إلى الترجمة بطريقة ميكانيكية، فحسه يمكنه من التعامل مع الفكرة حسب الطريقة التي يتعامل بها مع النص.

+تطبيقه لمفهوم التملك الذي يجعل اللغة الهدف تتملك النص الأصلي.

وأكد الباحث حسن الطالب أن الاحتفاء بالمفكر والباحث سعيد بنكراد اعتراف بأعماله التي تشهد على مجهوداته وإنتاجاته القيمة التي أثرت وأغنت الثقافة العربية، مبينا أهم مسالك وطرق الترجمة عند الدكتور.بنكراد، حيث أشار إلى غياب المنهج الترجمي لديه، وذلك ليس بهدف تضييع واختراق حدود النص الأصلي، ولكن بهدف استنبات معرفة علمية جديدة تمكن اللغة العربية من الانخراط فعليا في المفاهيم الجديدة التي تعد غريبة عن قارئها.

ولتوضيح هذه المعاني الترجمية لدى بنكراد اقترح الدكتور.حسن الطالب مصطلحين هما:

*مصطلح التحول: ويتجلى من خلال سعي الدكتور بنكراد إلى تحويل اللغة المصدر على مستوى المبنى والمعنى، إلى لغة تستقبل معرفة جديدة داخل نسقها العربي، وهو ما يسعف في خلق نوع من التفاعل مع الثقافات الأخرى.

*مصطلح التملك: ويتضح –في ترجمة بنكراد- من خلال جعله اللغة العربية تتملك النص الأصلي، بحيث يصبح النص الهدف جزءا منها ؛وبذلك يتم فتح آفاق مستقبلية لهذا التخصص.

وفي ختام مداخلته أثنى الدكتور حسن الطالب على المفكر والكاتب الدكتور سعيد بنكراد، وأشاد على دوره الريادي ومجهوداته الجبارة في الترجمة، وإسهاماته الفعلية في تطوير الثقافة العربية على مستوى البحث السيميائي الجاد تنظيرا وممارسة.

بعد ذلك انتقلت الكلمة إلى الدكتور إدريس جبري،من كلية متعددة التخصصات – الراشيدية، الذي ألقى مداخلة في موضوع: “السيميائيات ‘المناضلة’ خطاب المعنى وسؤال التحديث عند الدكتور سعيد بنكراد: من بداهة النفعي إلى نسبية الثقافي”

وقد استهل الدكتور جبري مداخلته بشكر الجهات المنظمة على التفاتتها الكريمة وتنظيمها لهذا العرس البهيج في زمن النكران، كما شكر الحضور، وتقدم بشكر خاص للدكتور سعيد بنكراد.

وتحدث في بداية مداخلته عن الإحساس بالدهشة والرهبة اللذان يستشعرهما وذلك لاعتبارين:

  • إلقاء الورقة أمام خبراء البحث الأكاديمي.
  • إلقاء الورقة أمام الأعين الراصدة للمحتفى به.

وذكر أن الورقة التي سيتقدم بها عبارة عن تأملات تحتاج إلى مزيد تقويم، ولكنها مفيدة للطلبة، متخصصة في بحث السيميائيات رغم صعوبة الفصل بين السيميائيات والترجمة في مشروع سعيد بنكراد.

وقد قسم المتدخل ورقته إلى قسمين اثنين، يتصدرهما تمهيد أولي خصصه لشرح المقصود بعبارة السيميائيات “المناضلة”، حيث ذكر أن إصراره على كلمة “مناضلة” كان نابعا من كون مشروع السيميائي سعيد بنكراد فيه كثير من النضال، لأن المناضل الحقيقي يقع على هامش السلطة يحتضن الفقراء والمهمشين، أي ينتصر للإنسان.

القسم الأول: هو قسم إجرائي ومنهجي وسماه: “من نضال التأسيس إلى نضال التمنيع” وهدفه الإجابة عن سؤال البدايات، والبحث عمن استنبت هذه المادة المعرفية “السيميائيات” حتى صارت جزءا لا يتجزأ من برامج الجامعات المغربية، وعلى الرغم من كون الحديث عن البدايات يعد بحثا ميتافيزيقيا يصعب الحسم فيه، فإنه يمكن الإجابة عن سؤال البدايات من خلال تقسيمه إلى مراحل حسب الأجيال التالية:

الجيل الأول: جيل التأسيس والتأصيل، تمثل في أعمال حسن المنيعي ومحمد مفتاح ومحمد السرغيني.

الجيل الثاني: برز مع مجموعة من الأساتذة أمثال: محمد العمري ومبارك حنون ومحمد الوالي في مجال الترجمة  على هامش تخصصاتهم.

الجيل الثالث: جيل الترسيخ والتمكين، وهذا الجيل إما تعلم من الجيل الأول أو أنه تعلم السيميائيات من الخارج وجلبها إلى المغرب، ومن الأسماء الممثلة لهذا الجيل عبد الرفيق بوركي وعبد المجيد النوسي، يضاف إليهم عريس هذا اللقاء الدكتور سعيد بنكراد، الذي حقق مجد السيميائيات في المغرب والعالم العربي.

الجيل الرابع: جيل التثبيث والتمنيع: وهو جيل الشباب الذي لم تتضح بعد المعالم الكبرى لمشاريعه، ومن أعلام هذا الجيل نذكر: عبد اللطيف محفوظ ومصطفى الشادلي…

أما القسم الثاني، والموسوم ب “مسار المشروع السيميائي عند الأستاذ سعيد بنكراد من نضال التمكين إلى نضال التحديد”، فقد قسمه الباحث هو الآخر إلى مرحلتين صغيرتين:

1/خطاب المعنى من الكشف إلى البناء: وهنا نوه باختيار منظمي هذا الملتقى لعنوان: “السيميائيات ونظرية المعنى”، فقد ألف الدكتور سعيد بنكراد مجموعة مؤلفات تعرف بهذه المادة مثل: السيميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها 2003، والسيميائيات والتأويل 2005، وموسوعته السيميائية سيرورة التأويل 2012، …

2/سؤال التحديث من أجل بناء إنسان جديد.

وختم الدكتور جبري مداخلته بكلمة عن المعنى، على اعتبار أن المعنى بناء مرتبط بالسيميائيات السردية، وأن المعنى بناء أو سيرورة لمرحلة متقدمة وصل إليها الأستاذ سعيد بنكراد بعد أن انقطع عن المدرسة الباريسية وانفتح على بورس وأمبرطو إيكو.

أما المداخلة الثالثة في هذه الجلسة العلمية فقد قدمها الدكتور شرف العرب الداودي من كلية اللغة العربية جامعة القرويين- مراكش، حول موضوع: “المشروع السيميائي المغربي: مصداقية الإجراء“، وقد ألمع في البداية إلى أن الغرض من هذا العرض ليس فك الإشكالات، وإنما إثارة التساؤلات ومناقشة قضايا مشروع بنكراد السيميائي، والوقوف عند دوره الإجرائي في تفعيل بحثه السيميائي، كما تقدم بالثناء والتقدير لكل السميائيين في مختلف أنحاء الوطن العربي اعترافا بمجهوداتهم البناءة في تأسيس علم يقوم على نظرية جديدة تنصهر فيها المعطيات العلمية المقترنة بالواقع الحياتي؛ بعدها أعطى نظرة شاملة عن المدرسة السيميائية المغربية التي تشكلت تدريجيا، إذ لا تجد مسافة بين الجانب النظري والتطبيقي فيها، فالمشروع السيميائي لدى بنكراد لا يقوم على الأخذ والإسقاط، وإنما يخوض مضمار الغربلة والتكييف والتطعيم للسيميائيات الجديدة.

وأضاف الدكتور شرف العرب الداودي أن المشروع السميائي مشروع حي، لأنه متفرد في التصور والرؤية والدلالة، فالرجل ما زال يجتهد ويكابد حتى يعطي للسميائيات ثوبا جديدا منسوجا بالإبستمولوجيا الحديثة، كما أكد أن مشروع بنكراد مشروع منتوج يتوخى إنتاج معرفي علمي يؤمن بالخصوصية في إطار الشمولية، وإذ كانت هذه أبرز خصائص هذا المشروع كما حددها الدكتور شرف العرب الداودي، فقد عرج أيضا على تحديد جملة خصائص خاضها المشروع كنظرية مؤلفة لتصوراته، وقد حددها في ما يلي:

  • بلورة المفاهيم وغربلتها؛ إذ حاول أن يبين آليات الاشتغال على هذه المفاهيم.
  • الانضباط بالمعرفة ؛إذ اعتمد مفهوم الملائمة بين المفاهيم السيميائية العربية.
  • خلق معرفة مضاعفة لعلم السيميائيات .
  • بلورة تساؤلات حول المعنى .
  • عربية النظريات الوظيفية.
  • تحديد تساؤلات حول المعنى، وتحديد تعريف للسيميائيات.
  • التحليل الإجرائي لاشتغال السيميائيات.

بعد تحديد هذه الخصائص حاول الدكتور شرف الدين الدواوي استخلاص أهداف التجربة السيميائية المغربية، والتي لخصها في هدفين:

1/القيام بتحليل إجرائي للمفاهيم السيميائية.

2/الكشف عن طبيعة تلك المفاهيم التي تمت غربلتها.

وفي الختام توقف الباحث عند جملة مراحل تخص مشروع بنكراد السيميائي أهمها:

+ مرحلة البحث في الأدوات الإجرائية.

+مرحلة التفاعل والاشتغال على التمثلات الدلالية المتشعبة أي البحث عن الأنساق الدلالية.

+مرحلة التشبع والتأويل وخلق النموذج.

وبين بَعدها أن هذا التحقيب يكسب عمل سعيد بنكراد خصوصية تتصاعد فيها مستويات التحليل والتنظير وتتكامل فيما بينها، هذا وقد قدم الباحث أرقى عبارات الشكر لهذا المجمع الكريم الذي جمعه برائد من رواد البحث السيميائي بالمغرب، مع تقديمه لشكر خاص لمختبر ترجمة معاني القرآن وتكامل المعارف بمراكش في شخص الدكتور عبد الحميد زاهيد الساهر على إحياء هذا الملتقى العلمي المبارك.

وكانت المداخلة الرابعة في موضوع: “سيميائيات الأهواء: نموذج الترجمة العالمة” للدكتور أحمد الفوحي من كلية الآداب- مكناس، وقد استهل الباحث مداخلته بالقول إن الأهواء جزء من كينونة الإنسان وجزء من أحكامه وميولاته وتصنيفاته، فهي ليست عارضا أو طارئا يمكن الاستغناء عنه أو التخلص منه، بل هي صفات يتداولها الناس فيما بينهم؛ فالبخل والغيرة والحقد والحسد والغضب وغيرهما هي صفات لكيانات تعيش بيننا.

وقد اهتم السيميائيون شأنهم شأن الفلاسفة وعلماء الأخلاق والأديان بمسألة الأهواء لما تحمله من دور في إثارة المباهج أو الأحزان، إلا أن اهتمام السيميائيين انطلق من منظور مختلف فهم قد ركزوا على الأحاسيس المختلفة ودورها في الانتقال من حالة نفسية إلى أخرى. وفي هذا الإطار قام السيميائي المغربي سعيد بنكراد بترجمة كتاب “سيميائيات الأهواء، من حالات الأشياء إلى حالات النفسلكل من كريماص وفونتاني، وقد نالت هذه الترجمة جائزة المغرب للترجمة.

وقد ركز الأستاذ المحاضر في عرضه على نقطتين اثنتين وهما:

– مقومات الترجمة العالمة.

– تجليات الترجمة العالمة.

يرى الدكتور الفوحي فيما يتعلق بمقومات الترجمة العالمة أن ترجمة سعيد بنكراد هي امتداد وسيرورة للنص المترجم، بمعنى أن المترجم يتدخل في النص الأصلي ليكتب بذلك نصا ثانيا موافقا له من جهة ومسايرا لشروط التداول والتلقي للغة العربية من جهة ثانية، مما يجعل النص المترجم ينتقل بالقارئ من رؤية معينة إلى رؤية مغايرة، فالمترجم يبذل مجهودا كبيرا لإيصال مضمون هذا الكتاب إلى القارئ العربي، وهو ما جعله يوفق في نقل مضامين وأفكار هذا الكتاب بعناية فائقة، إذ وضع كل عنصر في مكانه المناسب مراعيا بذلك خصوصيات اللغة العربية.

كما حدد الأستاذ المحاضر فيما يتعلق بالنقطة الثانية والمرتبطة بتجليات الترجمة العالمة للمترجم ما يلي:

أ- أعد المترجم مقدمة مستفيضة حول الموضوع في أكثر من 36 صفحة.

ب- وظف المترجم كثرة الإحالات التفسيرية في هوامش الكتاب، وقد قسمها إلى نوعين:

– إحالات قصد.

– وإحالات المترجم.

ج- حرص المترجم حرصا شديدا على شعرية الترجمة، والتي تتمثل أساسا في إثبات مرفقات النصوص، وذلك بهدف تيسير قراءتها وضمان تفاعلها الإيجابي مع النص المترجم.

د- تخصيص مصطلح للمصطلحات الأساسية.

ه- الإشارة إلى بعض المصطلحات التي يتعذر ترجمتها أو تدجينها.

وختاما أكد الدكتور الفوحي بأن مترجم كتاب سيميائيات الأهواء قد بذل مجهودا علميا في مجال الاصطلاح، كما أنه تجنب كل تشويش يمكن أن يؤثر سلبا على تلقي الكتاب واستيعاب حمولته المعرفية والثقافية.

وكانت المداخلة الخامسة للأستاذ الباحث إبراهيم أسيكار التي عنونها ب“قراءة في ترجمة الاستعارة وتأويلها في مشروع سعيد بنكراد“، حيث استهل حديثه بشكر البنيات المنظمة والثناء على المحتفى به، وبعدها عرض محاور مداخلته التي جعلها في مقدمة ومحورين وخاتمة، حاول من خلالها المقارنة بين ثلاث ترجمات للاستعارات الموجودة في كتاب فيكتور هيكو “L’interprétation”، وعلى وجه التخصيص الفصل الخامس. الترجمة الأولى لسعيد بنكراد في ترجمته لذلك الفصل في كتابه “التأويل في السيميائيات التفكيكية”، والترجمة الثانية للأستاذ لحسن بوتكلاي؛ وهو باحث في المركز التربوي الجهوي بإنزكان، والترجمة الثالثة للمترجم العربي أحمد الصنعي في كتابه “السيمياء والفلسفة”.

وخلص الباحث إلى أن ترجمة سعيد بنكراد تتميز بخصائص عديدة منها المقدمة الطويلة التي يمهد بها لأعماله، أسهمت في ذلك أسباب كثيرة منها تمكنه من اللغة الفرنسية و اللغة الإنجليزية إلى جانب لغته الأم اللغة العربية. ليقرر في الأخير أن الترجمة تأويل خلافا لما يعتقده الكثيرون.

وفي المداخلة ما قبل الأخيرة تقدم الدكتور “مصطفى عيشان” من كلية الآداب والعلوم الإنسانية -مراكش،قسم الجغرافيا، بعرض علمي تحت عنوان “سيميائية العلامات والخرائط: من المحايثة إلى الرمز”، حيث مهد لعرضه بإطار نظري تناول فيه المفاهيم المؤسسة لبحثه، مبينا أسس اختياره لسيميائية العلامة على اعتبار أن هذه المداخلة ذات بعد تطبيقي يركز فيها على دراسة الأنساق اللغوية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحقل الجغرافيا.

فكان أول ما افتتح به مداخلته اعتذار موجه إلى عميد السيميائية المغربية الدكتور.سعيد بنكراد كونه أول من سيقدم دراسة تحاول أن تقحم هذا العلم في مجال الجغرافيا. وقد قسم مداخلته إلى شقين اثنين:

1/ عالم الخرائط.

2/ العلامة والمعنى.

وأجمل العلاقة التي تجمع بين مجالي الجغرافيا والسيميائيات في أربعة كتب هي:

– السيميائيات: سعيد بنكراد

– سيميائيات والتأويل: طائع الحداوي

– أسس السيميائيات: دانيال تشاندلر

– Semiologie graphique وهو الكتاب الوحيد الذي ينتمي إلى مجال الجغرافيا وقد صدر سنة 1967

وفي هذا السياق بين الباحث أنه للانتقال من المحايثة إلى الرمز يجب أن نمر من عدة خطوات هي:

  1. المحايثة: لا ينظر إلى الشيء إلا في ذاته مفصولا عن أي شيء آخر.
  2. السيموز: هو كل سيرورة داخلية تجمع بين  العناصر المكونة لها ضمن ترابط جدلي.
  3. المعنى: الشيء في ذاته وهو ما يفهم بشكل مباشر دونما استعانة بشيء أخر.
  4. الدلالة: هي الضوابط الثقافية التي تشتغل كقوانين يتم الاستناد إليها كوقائع.
  5. مستويات الدلالة:  تضم المستوى التقريري والمستوى الإيحائي.
  6. التأويل: هو التصور الذي نملكه عن الكلام.
  7. الرمز: هو الصورة الدالة تستعمل للإحالة على مدلول معين.

وبما أن لغة الجغرافيا تتجلى في الخرائط والرسوم والجداول فهي ليست مبنية على الحرف؛ بل تنبني على ست متغيرات بصرية تجلت في الشكل، اللون، القيمة، الحجم، الحدة، الاتجاه، ووفق هذه التغيرات تتغير الرؤية إلى الشيء.

ولمعاينة هذه المفاهيم عرض الدكتور مصطفى عيشان أمثلة بصرية كالخرائط ووضعياتها المختلفة وخلفياتها الثقافية والإيدولوجية، وربط هذه النماذج بقول الدكتور سعيد بنكراد: “السيميولوجيا هي دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية”.

وانتقل بعد ذلك إلى التمثيل بعلامات أخرى ودراستها بأدوات الجغرافي على مستوى الشكل واللون والاتجاه، واختار كنموذج تمثيلي الرمز الوطني (العلم المغربي) وطريقة استخدامه من قبل الجماهير مستفهما عن عدة أسئلة إشكالية لها أبعاد سيميائية محضة داخل نسق غني بالرمزيات.ليختتم مداخلته بسؤال مفتوح لماذا نقول العلَم ولا نقول العلامة؟

أما المداخلة السابعة والأخيرة فكانت عبارة عن قراءة علمية لكتاب “الصورة الإشهارية آليات الإقناع والدلالة” للمحتفى به الدكتور سعيد بنكراد، وأنجزت هذه المداخلة الطالبتان الباحثتان خديجة أبوه وحنان واسنوان من مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ــ مراكش، وتكفلت الطالبة الباحثة حنان واسنوان بإلقاء المداخلة.

وقد تناولت الطالبتان فصول هذا الكتاب بالدرس والتحليل شارحة بذلك منهج الدكتور سعيد بنكراد في تحليله للعملية الإشهارية، والتي تندرج في ما يسمى بالتواصل الفعال القائم على فكرة الخصوصية، حيث يتم التمييز فيه بين الشرائح المتعددة التي تختلف فيما بينها في الأهواء وفي تقدير الحاجات الحياتية. لتتوصل الباحثة في الأخير إلى أن المحتفى به يسعى إلى تأكيد أن “الإشهار” لا يقف عند حدود إشاعة ما يخزنه اللاشعور، بل يبحث عن الرغبات المخزونة فيه ويستثمرها في عملية الإقناع “السري”، الذي تستخدم فيه الإيحاءات والاستعارات والتَّضمينات، ليتحول، بعد ذلك، إلى قرصنة تستند إلى رد فعل انفعالي يتم في غياب الفكر والمنطق، لتحقيق  غاية واحدة وهي البيع من أجل الربح.

الجــــلســـة العلمية الــثـــانــيــة : 15:00- 18:00

ترأس الجلسة العلمية الثانية الدكتور أحمد كروم من كلية الآداب جامعة ابن زهر-أكادير. وعرضت أشغالها في شكل مائدة مستديرة، بمشاركة ثلة من السادة الأساتذة من مختلف مراكز البحث وكليات الآداب بالمغرب، وسلمت فيها الكلمة بداية للضيف المحتفى به الدكتور سعيد بنكراد، حيث تمت الإشارة إلى أهمية عمل الدكتور بنكراد في مراعاته لشروط الإنتاج الأدبي من جهة، وفي تداوله لنظرية المعنى من جهة ثانية.

كلمة المحتفى به الدكتور سعيد بنكراد:

أعرب الدكتور سعيد بنكراد عن بالغ سعادته بهذا الاحتفاء الكبير الذي لم يكن يتصوره بهذه الحفاوة ، وبهذه البادرة الطيبة، قدم كلمة شكر لكل الساهرين على إحياء هذا  الملتقى العلمي وفي مقدمتهم الدكتور عبد الحميد زاهيد الذي كان صاحب فكرة هذا اللقاء العلمي الجاد، كما أثنى على السادة الأساتذة الدين أسهموا بجهودهم العلمية، ووقفوا عند خصوصيات مشروعه العلمي السيميائي تأليفا وترجمة، وشكر أيضا الطلبة الذين حضروا بكثافة من داخل مدينة مراكش وخارجها.

بعد ذلك تحدث المفكر سعيد بنكراد عن مساره العلمي النضالي مع المعرفة والتعلم والثتقيف والذي امتد عبر مرحلتين هامتين:

+ المرحلة الأولى: تتجلى من خلال سفره إلى فرنسا، وتتلمذه على يد رواد السيميائيات والنص، مثل كريمارص، وجوليا كريستيفا ، ورولان بارت…

+المرحلة الثانية: تتمثل في رجوعه إلى المغرب وبداية تفكيره في السبل الكفيلة لنقل ثقافته للطلبة، ومن ثم ارتياده عالم الترجمة والكتابة، حيث أسس لمشروعه السيميائي في المغرب وخارجه في العالم العربي، وكان الهاجس الوحيد الذي يشغل فكره هو إعادة بناء الذات والوجدان .

بعد ذلك أفاض الدكتور سعيد بنكراد في الحديث عن تمفصلات المشروع السيميائي (السيميائيات السردية) عند كريمارص من خلال الانتقال بين المستويات؛ مستوى بالغ التجريد حيث القيم منظمة بشكل سابق عن أي تجلي نصي، ومستوى آخر يندرج ضمن عالم التشخيص، ومن ثمة فالبحث السيميائي يكشف عن رؤية وتصور جديدين، خاصة وأن السلوك السيميائي يتجلى من خلال المعنى، لهذا يعتبر الباحث أن وجودنا في حد ذاته هو وجود للمعنى، فهو المركز القصي داخل النص وهو أساس النص ووجوده، وبهذا التحديد فكريمارص كان يبحث عن المستوى السيميائي الخارج عن النص.

وتفسيرا لهذه الخصوصيات وقف الباحث عند نماذج تمثيلية من أبحاثه العلمية الدالة في بابها على مدى قدرة البحث السيميائي في فهم واستيعاب كثير من المغاليق الرمزية التي تقدمها العلامة من حيث التحديدات اللفظية والتحديدات الأيقونية.

وبعد هذه الكلمة فتح رئيس الجلسة الدكتور أحمد كروم الباب للسادة الأساتذة والحضور الكرام من الطلبة والباحثين للدخول في حوار مع الدكتور سعيد بنكراد، وقد شارك في هذا النقاش كل من:

                الدكتور شرف العرب الداودي: من كلية اللغة العربية جامعة القرويين – مراكش.

وأشار في مداخلته إلى جملة من التساؤلات والإشكالات المرتبطة بالسيميائيات والترجمة وهي:

+ الباحث سعيد بنكراد ليس مترجما وإنما هو مؤلف جديد لما يترجمه.

+ أليس المترجم مؤلفا جديدا للنص المترجم؟

+ثم ألا يجب على الإنسان أن يكون متصوفا ليكون مترجما؟

                 الدكتور أيوب بوحوحو: من كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش.

وناقش الدكتور أيوب بوحوحو إشكالية تطبيق المعالجة السيميائية لأشكال العلامات والرمزيات التي تحضر في مختلف أشكال الخطابات والأنساق، لأن سيميائيات كريمارص لم تمت، نظرا لكونها زرعت إيديولوجية الحياة في الحقل المعرفي، لهذا فطريقة كريمارص فعالة جدا في بحث سيمائيات السينما خاصة، ليختتم الأستاذ حديثه بكلمة شكر للمحتفى به على دوره الريادي في تقريب وتطوير المشروع السيميائي.

                الدكتور عبد الجليل الأزدي: من كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش.

ركز في كلمته على الجانب النضالي عند المفكر.بنكراد، ومدى انعكاس ذلك على مثابرته وإخلاصه لتوجهه السيميائي مشيدا بتوجهاته الفكرية التي أجملها في السمات التالية:

+ مزاوجة مشروعه العلمي بين العالِم والمناضل بالمعنى الحقيقي لكلمة التقدم والحداثة.

+ تميزه بالمعرفة الملتزمة رغم ما تفرضه لغة النقد من تحولات منهجية وفكرية من التحليل البنيوي إلى اللساني إلى السيميائي…إلخ.

+تفرد مشروعه السيميائي؛ لكونه لا يمثل جيل السيميائيات فحسب ؛بل يعود إلى تشكيلة خطابية في النصف الثاني من القرن العشرين.

                 الدكتور عبد الرفيق بوركي: من كلية الآداب والعلوم الإنسانية – بني ملال

سعت مداخلة الأستاذ إلى استحضار لوحات جميلة ذكرها من مسار الدكتور بنكراد، وطبعت مشواره العلمي رفقة جيل صاحبه في مسيرته البحثية، لما لها من تميز فكري في حقل الدراسة والتنظير مع التفرد بمشروع علمي متخصص في الترجمة والتأليف.

                 تدخلات الطلبة الباحثين:

وقد تراوحت تدخلات الطلبة الباحثين بين الشكر والاحتفاء بالدكتور سعيد بنكراد وإثارة جملة من التساؤلات من قبيل:

  • هل غياب المنهج الترجمي (السيميائي) عند الدكتور بنكراد يمكن تعميمه على     مجالات علمية أخرى وخاصة ترجمة القرآن الكريم… ؟
  • هل هناك مبرر لهذا الغياب في التأطير المنهجي لفعل الترجمة؟
  • ما آفاق السيميائيات المعاصرة مع العلم أنها تعرف جمودا في جانبها التنظيري؟
  • هل للدكتور سعيد بنكراد رؤية تجديدية للسيميائيات أمام انحصار المدرسة الفرنسية والأنجلوساكسونية، بموازاة ظهور توجهات علمية جديدة قادمة بقوة مثل البلاغة وتحليل الخطاب؟
  • بماذا أفادت السيميائيات حياة بنكراد الشخصية؟

                 الدكتور عبد الحميد زاهيد:من كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش.

بين أن الباحث السيميائي سعيد بنكراد لم يسلك مسلك الترجمة، لأن ذلك من شأنه أن يقتل المعنى الحقيقي للنص، لكنه عمل عكس ذلك حيث سلك مسلك الترجمة المكيفة في إنتاج المعرفة الجيدة، آخدا بمفهوم التكييف، لأنه يكييف المفاهيم والخطابات والصور مع البيئة المنقول إليها، والأمانة حاضرة في ممارسته لفعل الترجمة إذ ليس هناك تعانق بين الترجمات وإلا أصبحنا نتكلم لغة واحدة.وبهذا المعنى فالباحث يؤسس لإنتاج معرفة جديدة.

                الدكتور محمد العمري: من كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش.

استهل مداخلته بالحديث عن إشكال المعنى، وهو من المسائل التي كان يتهيبها اللساني، لأن التنظير للمعنى أصعب من التنظير للامعنى، وهي مسألة مازالت تشغلنا إلى الآن، خاصة وأن الحديث عن المعنى هو حديث عن النسبي، ليظل إشكاله قائما وسؤاله مطروحا للبحث عن نظرية للمعنى في مختلف أشكال الخطابات والأنساق.

                الدكتور أحمد الفوحي: من كلية الآداب، جامعة مولاي إسماعيل – مكناس

تقدم في مداخلته بشهادة في حق  الدكتور بنكراد؛ فهو نموذج الإنسان الذي ينشد المعرفة أينما وجدها، ونموذج الباحث الجاد لما يقدمه من خدمات علمية خدمة لسؤال الطالب ولسؤال المعرفة.

                الدكتور عبد الله الحلوي:من كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش.

عرض في كلمته لثلات أسئلة إشكالية أوجزها فيما يلي:

+سؤال الأصالة.

+سؤال الجذرية.

+سؤال النقدية.

وطرحها من خلفيات ومسلمات ثلاث: هل طرحت السيميولوجيا سؤال الأصالة؟ ثم هل هناك سيميولوجيا جذرية ؟ وهل يمكن الحديث عن سيميولوجيا نقدية؟

                 الدكتور عبد الحي العباس: من كلية اللغة العربية- مراكش.

وأشار في نقاشه أن كلية اللغة العربية بمراكش التابعة للقرويين أدخلت علم السيميائيات في موادها، وحين نوقشت فكرة اختيار النص القرآني كنموذج للدراسة السيميائية لقيت استنكارا كبيرا، ومن هنا طُرح سؤال آثار جدلا واسعا وهو كيف يعقل أن نخضع كلام الله عز وجل إلى آليات من إنتاج البشر؟

                الدكتور عبد السلام الجامعي: من كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مكناس

واقترح في كلمته إمكانية تقديم قراءة جديدة للسيميائية من منظور ثقافة عربية محلية يمكن توظيفها بشكل موازي للنظريات الترجمية، مؤكدا أن الدكتور بنكراد مترجم وله طريقته الخاصة في العمل الترجمي.

                الدكتور مولاي يوسف الإدريسي: من الكلية المتعددة التخصصات –آسفي.

تفضل بشهادة في حق الدكتور بنكراد وذكر أن مقالاته العديدة تعكس قوة شخصيته وجرأته الفكرية في مناوشة الدرس السيميائي داخل نسق له شفراته الخاصة من العلامات والرموز.

                الدكتور محمد أيت الفران:من كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش

تركزت كلمته في ضرورة التفكير في تأسيس مشروع معجمي عربي للسيميائيات يكون دليلا ومرجعا للطلبة الباحثين، لأن مفهوم المعجم يمكن أن يستدعي مفهوم المونوغرافيا، لهذا فالباحث بنكراد استطاع في نظره أن يؤسس لهذه المعرفة بغاية التأسيس والتفعيل البناء لأسس إبستيمولوجية جديدة.

                الدكتور محمد خطابي :من كلية الآداب ابن زهر- أكادير

ركز في تدخله على أهمية العلوم الحديثة ودورها الكبير في تجديد التراث العربي ومسح الغبار عليه، وأكد أن التجديد ضروري والحاجة إليه ملحة، وأن الانفتاح على الثقافات المختلفة يقوي الوجود الثقافي والحضاري للإنسان الحر، محددا جملة تساؤلات محورية ساءل بها مشروع سعيد بنكراد من قبيل:

+ما المدخل الذي ميز البحث السيميائي عند بنكراد؟

+ما طبيعة الحدود التي وضعها كريمارس في ممارساته للسيميوطيقا ؟

وقد أضاف الأستاذ الدكتور محمد الخطابي إلى هذه التساؤلات تأكيده بأن فعل الترجمة عند بنكراد هو سيرورة سيميائية؛ ومن ثمة فالعلاقة بين الترجمة والسيميائيات هي ممارسة للسيميائية.

وفي ختام هذه الجلسة العلمية أوضح رئيس الجلسة  الدكتور أحمد كروم أن الأهداف المتوخاة من إحياء هذا اللقاء العلمي الرصين والمتميز قد تحققت، نظرا لكشفه عن اهتمامات فكرية وانشغالات معرفية لدى السادة الأساتذة الباحثين، ثم سلم الكلمة بعد ذلك للمحتفى به الدكتور سعيد بنكراد.

                 كلمة المحتفى به الدكتور سعيد بنكراد:

توجه في كلمته بشكر الحضور على مشاركاتهم وملاحظاتهم، مؤكدا أن السيميائيات وجدت لتلتقط المعيش اليومي وتعبر عنه وتبحث عن معانيه في كل الأنساق، وأن أفقها النقدي حاضر، لأن السيميائيات لا تحيا بدون هاجس السؤال الذي يشغل الباحث.

                الكلمة الختامية للدكتور عبد الحميد زاهيد.

وفي الكلمة الختامية تقدم الدكتور عبد الحميد زاهيد بشكر السادة الأساتذة الكرام على مشاركاتهم وحضورهم في هذا الاحتفاء ، وشكر أيضا كل الأطر التي سهرت على تفعيل هذا النشاط العلمي، مبينا أن هذا اللقاء ينضاف إلى سلسلة اللقاءات الفكرية والثقافية التي يسهر “مختبر ترجمة معاني القرآن وتكامل المعارف، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش على تفعيلها وتنظيمها خدمة للعلم وأهله وطلبته.

وقد اختتمت الجلسة التكريمية بتسليم شهادة تقديرية للمحتفى به الدكتور سعيد بنكراد، قدمها له الدكتور حسن درير من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، وعقب ذلك تم الإعلان عن انتهاء فعاليات هذا الملتقى العلمي على الساعة السابعة مساء.

مقالات ذات صله