المؤتمر الدولي الثاني: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم البلاغة”  2017

          

ينظم مركز الكِنْدِي للترجمة والتدريب بالتعاون مع مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش

المؤتمر الدولي الثاني:علم الأصوات وتكامل المعارف

في موضوع:“التكامل المعرفي بين علم البلاغة وعلم الأصوات”

يومي: 28- 29 نونبر 2017

 

تعد البلاغة العربية أرقى نظرية نصية أبدعها العقل العربي، فقد أرسى دعائمها، وبسط قضاياها ومعالمها الكبرى، وأثر بمفاهيمها في مختلف العلوم والمعارف العربية الإسلامية. وإذا كانت الحضارة الإسلامية في أسسها المعرفية قائمة على النص القرآني الذي شكل مدار نشاطها الفكري، فإنها بحاجة إلى نظرية نصية متكاملة قادرة على مقاربة مختلف النصوص والخطابات وتحليلها في مستوياتها المتعددة، صوتيا وتركيبيا ودلاليا وتداوليا.

ولعل المتأمل في تاريخ البلاغة العربية، قديما وحديثا، لا بد أن يقف على العناية الفائقة التي أولاها علماء البلاغة للمكون الصوتي سواء في النص الديني أو في غيره من النصوص. وإذا كان علماء الأصوات واللغويون قد تناولوا الصوت اللغوي باعتباره جزءا من الظاهرة اللغوية ومكونا من مكوناتها، فإن علماء البلاغة درسوا المكون الصوتي انطلاقا من أسئلة بلاغية جمالية وتداولية لها علاقة بالمكون الصوتي داخل العمل الأدبي.

إن التكامل المعرفي بين علم البلاغة وعلم الأصوات حقيقة قائمة يفرضها الواقع اللغوي من جهة أولى، والمعطى المعرفي والتاريخي للبلاغة من جهة ثانية؛ وبيان ذلك أن الخطاب البلاغي في بعديه الجمالي والتداولي خطاب لغوي صوتي بالضرورة، وينبغي استحضار هذا المعطى عند تحليله وتفكيكه؛ كما أن طبيعة المادة المعرفية في المصنفات البلاغية حافلة بمصطلحات ومفاهيم صوتية مختلفة.

انطلاقا من هذا الدور التكاملي بين علم البلاغة وعلم الأصوات، سينظم مركز الكندي للترجمة والتدريب بمراكش، بالتعاون مع مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب بمراكش (المملكة المغربية)، مؤتمرا دوليا في موضوع: “التكامل المعرفي بين علم البلاغة وعلم الأصوات”؛ وذلك من أجل فتح نقاش جاد ومثمر بين الباحثين والمتخصصين والمهتمين، غايته إعادة النظر في مجمل القضايا والإشكالات التي يطرحها التكامل المعرفي بين هذين العلمين.

ويأتي هذا المؤتمر ضمن سلسلة المؤتمرات العلمية التي يستشرف مركز الكندي للترجمة والتدريب بمعية مختبر الترجمة وتكامل المعارف تنظيمها في إطار التكامل المعرفي بين علم الأصوات ومختلف العلوم والمعارف. وقد كان موضوع المؤتمر الأول من هذه السلسلة هو: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم الموسيقى”؛ ونشرت أعماله في العدد السابع من سلسلة الترجمة والمعرفة عن دار عالم الكتب الحديث بالأردن، 2017م.

  • أهداف المؤتمر:

يسعى هذا المؤتمر إلى تحقيق الأهداف الآتية:

  • الوقوف على أشكال الإمداد والاستمداد والتأثير والتأثر بين علم البلاغة وعلم الأصوات.
  • الكشف عن القضايا والمباحث المشتركة بين العلمين، ومدى ارتباطها بالمعطيات المعرفية المؤطرة لهما.
  • تقييم المنجز البلاغي في مقاربة المكون الصوتي في النص الأدبي –نظريا وتطبيقيا- وتقويمه اعتمادا على معطيات علم الأصوات الحديث.
  • استثمار نتائج علم الأصوات ومعطياته في تطوير النظريات البلاغية والنقدية القديمة والحديثة.
  • إبراز أهمية المكون الصوتي في تشكيل أدبية النص الأدبي، وبيان وظيفته في ضوء التلقي والتداول.

 

  • المحاور العامة للمؤتمر:
  • الأسس المعرفية للتكامل المعرفي بين علم البلاغة وعلم الأصوات.
  • التكامل والتناص بين المصطلحات والمفاهيم الصوتية والبلاغية.
  • دور علم الأصوات في استكشاف المسكوت عنه في البلاغة العربية.
  • الإيقاع في علم الأصوات وعلم البلاغة.
  • المحسنات الصوتية بين علم البلاغة وعلم الأصوات .
  • فصاحة الكلمة والكلام والمتكلم بين علم البلاغة وعلم الأصوات.
  • المحاكاة والقيم التعبيرية للأصوات في النصوص الأدبية.
  • الأداء الشعري والتطريز الصوتي.
  • محاسن القافية وعيوبها بين علم البلاغة وعلم الأصوات.
  • الضرورات الشعرية وعروض الشعر من منظور علم البلاغة وعلم الأصوات.
  • الفصاحة والتلاؤم الصوتي بين علم البلاغة وعلم الأصوات.
  • التطريز الصوتي في البلاغة العربية.
  • الوظيفة التأثيرية للمكون الصوتي وجمالية تلقيه.
  • قيمة المكون الصوتي في البلاغة القرآنية.(التناسب –الفواصل…)
  • أنماط الكتابة الفنية الحديثة وجماليات المكون الصوتي.
  • دراسات تطبيقية في نصوص أدبية.
  • المكون الصوتي في نظرية المحاكاة عند حازم القرطاجني.

 

  • شروط عامة للبحوث:
  1. أن يتسم البحث بالمنهجية العلمية ومواصفات البحث العلمي الرصين.
  2. أن تتراوح صفحات البحث ما بين15 و 20 صفحة، مقاس(A4) ، وأن يكون خط المتن والعناوين(Times New Roman)  بمقاس(14، و (Times New Roman) بمقاس (12) في الهوامش.
  3. ترقيم هوامش البحث في أسفل الصفحة مع الاكتفاء بكتابة اسم الكتاب والصفحة فقط.
  4. ترتيب قائمة المصـادر والمراجع في آخر البحث باعتماد عناوين المؤلفات.

 

  • مواعيد مهمة:
  • آخر أجل للتوصل بملخص البحث، واستمارة المشاركة، وموجزالسيرة الذاتية: 30 ماي 2017؛ وستقوم لجنة التحكيم بالرد على الملخصات قبولا أو رفضا فور التوصل بها.
  • آخر أجل للتوصل بالبحث كاملا: 31 يوليوز 2017.
  • سيتم الرد على المقالات قبولا أو تعديلا أو اعتذارا قبل نهاية شهر غشت 2017.
  • تاريخ انعقاد المؤتمر: 28 – 29 نونبر 2017.
  • مكان انعقاد المؤتمر: كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش المملكة المغربية.
  • تبعث الملخصات والاستمارات والبحوث المقترحة للمشاركة إلى البريد الالكتروني:

alkindiconference07@gmail.com

  • تطبع أعمال المؤتمر قبل انعقاده.

 

  • رسوم المؤتمر:
  • رسوم المؤتمر للمشاركين بورقة بحثية توافق عليها اللجنة العلمية )600 دولار أو ما يعادلها(. وتغطي هذه الرسوم خدمات المؤتمر (حقيبة المؤتمر، كتاب المؤتمر، شهادة المشاركة) ونفقةَ الإقامة أربع ليال في فندق مصنف 4 نجوم، والتغذية والتنقل طيلة أيام المؤتمر، وجولة ثقافية في معالم مراكش التاريخية أو خارجها.
  • رسوم المؤتمر بالنسبة للراغبين في الحضور فقط من خارج المغرب:150 دولارا أو ما يعادلها. وتغطي الرسوم وثائق المؤتمر(حقيبة المؤتمر، كتاب أعمال المؤتمر، شهادة الحضور، ووجبة الغذاء خلال يومي المؤتمر). وللراغبين في الاستفادة من الإقامة التواصل مع اللجنة المنظمة.
  • لا تسلم شهادة الحضور إلا لمن حصل مسبقا على الموافقة.
  • يتحمل المشارك نفقات السفر ذهاباً وإياباً.
  • اللجنة العلمية:
  • د.عمر عتيق (فلسطين)
  • د.أحمد كروم (المغرب)
  • د. زيد القرالة (الأردن)
  • د.أحمد البايبي (المغرب)
  • دة. حنان حمودة (الأردن)
  • د. عبد الواحد المرابط (المغرب)
  • دة. هناء محمد أبو زينب (السودان)
  • د. ابراهيم أسيكار (المغرب)
  • د.حسين كتانة (الأردن)
  • د.رشيد أعرضي (المغرب)
  • د. عبد العليم بوفاتح (الجزائر)
  • د.عبد الله الرشدي(المغرب)
  • د. عمر الحسن (الجزائر)
  • د. إدريس جبري (المغرب)
  • د.عبد العزيز أيت بها (المغرب)
  • د. عبد القادر بقشى (المغرب)

منسقا اللجنة العلمية:– د. عبد الحميد زاهيد – د. حسن درير

 

  • استمارة المشاركة + السيرة الذاتية
 الاسم الكامل
 الهاتف الشخصي
 البريد الإلكتروني
 

الدرجة العلمية والتخصص الدقيق

 

 مكان العمل
 محور المشاركة
 عنوان المداخلة
ملخص الموضوع
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

موجز السيرة الذاتية
 

 

 

 

 

 

 

 

برنامج المؤتمر الدولي الثاني: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم البلاغة”  2017

يتشرف مركز الكندي للترجمة والتدريب ومختبر الترجمة وتكامل المعارف، بدعوة فضيلتكم إلى حضور أشغال المؤتمر الدولي الثاني في علم الأصوات وتكامل المعارف في موضوع: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم البلاغة”، والذي سينعقد بإذن الله يومي الثلاثاء والأربعاء 28-29 نونبر 2017 على الساعة الثامنة والنصف صباحا بقاعة المحاضرات فندق الأندلس بمراكش

عن اللجنة المنظمة

يومي28 /29 نونبر 2017

قاعة المحاضرات، فندق الأندلس- مراكش

 

برنامج اليوم الأول  28 نونبر 2017

 

الجلسة الافتتاحية

رئيس الجلسة: د. أحمد البايبي مختبر  تحليل الخطاب  وتكامل المعارف

جامعة مولاي إسماعيل- المغرب

8:30-09:00
الافتتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم
كلمة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية
كلمة مركز الكندي للترجمة  والتدريب
كلمة مختبر الترجمة وتكامل المعارف

 الجلسة العلمية الأولى

رئيس الجلسة: د. محمد فتح الله مصباح: المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مراكش 09:00 – 10:30
المحاضرة الافتتاحية: « نحو إعادة كتابة المكون الصوتي في البلاغة العربية: الأسس النظرية والضوابط المنهجية »

د. عبد الحميد زاهيد

جامعة القاضي عياض- مراكش – المغرب

استراحة شاي

الجلسة العلمية الثانية

رئيس الجلسة: د. عبد القادر حمدي: كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش 11:00- 12:30
المكونات المفهومية الصوتية في المصطلحات البلاغية (قراءة في التشكيلات الباطنية لثنائية (التصاوت/ التصامت) من خلال المعاجم) د. حميدي بن يوسف

جامعة المدية – الجزائر

المكون الصوتي في نظرية المحاكاة عند حازم القرطاجني د.حسن بواجلابن

المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين

مراكش- المغرب

البنيات البلاغية إنتاجا وتأويلا

(التأويل الصوتي والبعد الوظيفي )

د. محمد الهاشمي

مختبر الأبحاث المصطلحية والدراسات النصية كلية الآداب ظهر المهراز – فاس- المغرب

مناقشة

 الجلسة العلمية الثالثة

رئيس الجلسة: دة. صفاء شريف كليب الشريدة: جامعة اليرموك –الأردن 12:30- 14:00
أصول التفكير الصوتي عند البلاغيين د. حسيني أبو بكر

 جامعة ورقلة – الجزائر

التفسير العلمي لبعض معايير الفصاحة من خلال كتاب الدكتور عبد الحميد زاهيد “الصوت في الدراسات النقدية والبلاغية والتراثية والحديثة” د. رشيد أعرضي

جامعة القاضي عياض-

مراكش –المغرب

فصاحة الكلمة المفردة عند البلاغيين العرب الوصف الصوتي والتفسير التداولي د. محمد ولد دالي

جامعة المدية- الجزائر

مناقشة

اليوم الثاني 92 نونبر 2017

الجلسة العلمية الرابعة

رئيس الجلسة: د.أبو بــــكر حسيني، جامعة ورقلة – الجزائر 09:00- 10:30
أثر المكونات الصوتية في التكامل الإيقاعي في النص القرآني دة. صفاء شريف كليب الشريدة

جامعة اليرموك –الأردن

ضوابط تأليف الأصوات العربية بين علم الأصوات وعلم البلاغة   د. محمد العلْوي

كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز

فاس- المغرب

التقابل الثنائي: “مخرج حنجري/ مخرج شفوي” ودلالته في سورة الكوثر د. عادل محلو

جامعة الشهيد حمّة الخضر

الوادي –الجزائر

الأثر الدلالي للصوت في الشعر: نماذج من شعر الصنوبري د. كمال لفنوني

أستاذ باحث- المغرب

مناقشة
استراحة شاي

الجلسة العلمية الخامسة

رئيس الجلسة: د. فريد بن عبد العزيز الزامل السليم: جامعة القصيم-

 المملكة العربية السعودية

11:00- 12:30
في التكامل بين الدراسات البلاغية والدراسات الصوتية: إيقاع التوازن اللفظي أو الجناس وملحقاته وبنينة الخطاب القرآني أنموذجا د.أحمد البايبي

مختبر تحليل الخطاب وتكامل المعارف

جامعة مولاي إسماعيل- المغرب

الأثر النفسي الوجداني للمكونات الصوتية في الألفاظ القرآنية مقاربة في لذة التفسير والتأويل د. مبارك بلالي

جامعة أدرار- الجزائر

التناسب الصوتي الدلالي في القران الكريم ذ.عبد العزيز التزكيني

جامعة القاضي عياض-   مراكش –المغرب

مناقشة

الجلسة العلمية السادسة

رئيس الجلسة: د. عادل محلو: جامعة الشهيد حمّة الخضر الوادي –الجزائر 12:30- 14:00
بلاغة التناسب في القرآن الكريم من المستوى الصوتي إلى المستوى الدلالي ذ.جيلالي فاسي

كلية اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية- جامعة الجزائر 2

البحث الدلالي في مواضع الإدغام الجائز في الصيغ الصرفية في القرآن الكريم د. فريد بن عبد العزيز الزامل السليم  جامعة القصيم-

 المملكة العربية السعودية

بلاغة الفواصل القرآنية: قراءة في آيات العقيدة د.عبد الله العلمي

جامعة القاضي عياض –  مراكش -المغرب

مناقشة

 

اللجنة التنظيمية
د. عبد العزيز أيت بها ذ. سعيد قطفي دة. هدى روض دة. حنان مضاري
ذة. ليلى الغزواني ذة. حنان واسنوان ذ. عبد العزيز جاب الله ذ. عبد العزيز التزكيني
ذ. محمد وسكسو ذ. باج بكار
ملاحظة: مدة المداخلة 20 دقيقة
لمزيد من المعلومات زوروا موقعنا http://ar.takc.org

 

تقرير حول المؤتمر الدولي الثاني في علم الأصوات وتكامل المعارف ” التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم البلاغة”

يومي 28-29 نونبر 2017

نظم مركز الكندي للترجمة والتدريب ومختبر الترجمة وتكامل المعارف المؤتمر الدولي الثاني حول علم الأصوات وتكامل المعارف في موضوع: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم البلاغة”، يومي 28-29 نونبر 2017. الجلسة الافتتاحية وقد ترأس الجلسة الافتتاحية الأستاذ الدكتور أحمد البايبي من الكلية المتعددة التخصصات بالراشيدية، والذي عبر عن سعادته الغامرة في مشاركته في هذا المؤتمر العلمي الكبير، وسلم بعد ذلك الكلمة إلى مدير مركز الكندي للترجمة والتدريب الأستاذ الدكتور حسن درير، الذي عبر بدوره عن سروره بالتعاون مع مختبر الترجمة وتكامل المعرف في تنظيم مثل هذه المؤتمرات مرحبا بالسادة المشاركين فيه، راجيا من الله العلي القدير أن يدوم لهم العلم والمعرفة. أردف ذلك كلمة الدكتور عبد العزيز أيت بها، الذي ألقى كلمة مختبر الترجمة وتكامل المعارف، والتي استعرض فيها منجزه العلمي الحافل منذ تأسيسه المتمثلة في المؤتمرات الدولية، والندوات الوطنية، واللقاءات التي نظمها ومشاريعه المقبلة بحول الله تعالى، كما نوه بأهمية مجلة المختبر المتخصصة المحكمة والمسماة “ترجميات بيت الحكمة”، وأشاد بدوره بالتعاون الناجح بين المختبر ومركز الكندي للترجمة والتدريب، كما وجه في كلمته شكره لرئيس جامعة القاضي عياض، ولعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش الذي تعذر عليه الحضور لكثرة أشاغله الإدارية، وفي ختام كلمته رحب الدكتور بالمشاركين الأفاضل من داخل المغرب وخارجه، وتمنى لهم مقاما طيبا في المغرب، كما وجه شكره الكبير إلى مهندس هذا المؤتمر الأستاذ الدكتور عبد الحميد زاهيد مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف، وإلى باقي أعضاء اللجنة المنظمة والحضور الكرام. واستهل المؤتمر بمحاضرة للدكتور عبد الحميد زاهيد عنونها بـ “نحو إعادة كتابة المكون الصوتي في البلاغة العربية: الأسس النظرية والضوابط المنهجية”، سعى من خلالها إلى رسم إطار الاشتغال وتحديد الأسس النظرية والضوابط المنهجية، والنظر في كيفية التعالق بين علم البلاغة وعلم الأصوات. وقد افتتح الدكتور محاضرته بتأكيد سعي العلوم الإنسانية إلى الاستعانة بالعلوم في بناء التصورات والمعارف، ومن بينها علم الأصوات باعتباره وهو أقرب إلى العلوم الحقة من العلوم الإنسانية. ونص على ضرورة اعتماد البلاغة المنهج الشمولي الذي يسعى إلى بناء معرفة كونية، فلا ننظر إلى الظاهرة البلاغية نظرة تجزيئية، فالأساس يجب أن يكون صوتيا ولكن المنهج في بعده يجب أن يكون شموليا، بمعنى أن النتائج الصوتية التي يتم التوصل إليها يجب أن تكون شمولية، وصالحة لجميع اللغات. وأشار المحاضر إلى ضرورة الفصل بين المستوى التفسيري للظاهرة البلاغية والمستوى التداولي، فالملاحظ أن الجانب التداولي يغلب على التفاسير الصوتية، في الوقت الذي يجب أن يكون للتفاسير التداولية سند داخل النص الإبداعي، كي يتم الفصل بين ما هو إبداعي وبين ما هو نظري في هذا الإبداع انطلاقا من معارف علمية رصينة، تحترم مبادئ علم الأصوات وتحتكم إلى مبدإ التكامل داخل فروع علم الأصوات، ومن ثمة داخل فروع علم اللسانيات، دون إغفال اعتماد النظرة التكاملية بين علم الأصوات وعلم البلاغة، والتي تتحقق عبر تكاملين اثنين: – التكامل الأفقي؛ أي التكامل بين فروع العلوم التراثية (علم الأصوات، وعلم الموسيقى، وعلم البلاغة…). – التكامل العمودي؛ وهو تكامل يجمع بين العلوم التراثية والعلوم الحديثة، لأن المعرفة التراثية بحاجة إلى العلوم الحديثة لإعادة كتابة المعرفة التراثية. وتحدث المحاضر عن تاريخ التكامل بين علم الأصوات وعلم البلاغة، فأكد على أن مسار هذا التكامل ينحصر في مسارين اثنين: المدرسة النطقية التي يتزعمها ابن سنان الخفاجي، والمدرسة الإدراكية التي يتزعمها ابن الأثير الجزري، كما توقف عند وجهة كل مدرسة في تحديد مفهوم الفصاحة. ونظرا لاتساع مجالات التكامل بين علم الأصوات وعلم البلاغة، اختار المحاضر الحديث عن فصاحة الكلمة، وفصاحة الكلام، وعلم القافية والضرورات الشعرية، وعلم البديع والمحاكاة في الأوزان والأغراض، مشيرا بعد عرضه لوجهة نظر المدرستين، والتي ترى بأن السبب في ثقل الكلمة وكراهتها في السمع، ليس في تقارب المخارج أو تباعدها كما نص القدماء، بل السبب راجع إلى طبيعة الأصوات المتقاربة، وطريقة ائتلافها داخل الكلمة. وأكد المحاضر في سياق حديثه عن فصاحة الكلام على أن التقارب في ذاته أو التكرار في ذاته هو السبب في تنافر الكلام كما اعتقد القدماء، بل طبيعة التقارب وطبيعة الصوت المكرر هما سبب التنافر أو التلاؤم في الكلام. وأشار المحاضر بعد عرضه للمشاكل التي تخلقها عيوب القافية داخل علم العروض، إلى أن تهميش مجموعة من المعطيات الصوتية وعدم مراعاتها كان له بالغ الأثر في عدم تناسق النظرة العروضية والصوتية، فكانت النتيجة أن اعتبر “السناد” مثلا عيبا عروضيا وهو في حقيقة الأمر عيب صوتي، وذلك لعدم تمييز العروضيين بين (ما CVV/ من CVC) جراء تأثرهم بالمستوى الخطي الذي يعتبر حروف المد شيئا والحركات التي تسبقها شيئا آخر. ودعا المحاضر في سياق حديثه عن علم البديع وبخاصة الجناس إلى ضرورة إعادة تصنيف الجناس من منظور صوتي، جناس الإبدال وجناس الاشتقاق وجناس التخالف وجناس التماثل، على ألا يقتصر الجناس على الأصناف المذكورة فحسب، مؤكدا أن القاعدة التي انطلق منها تحتم عليه أن يجعل له ملحقات من قبيل رد الأعجاز على الصدور، والقلب وغير ذلك، لكون هذه الأخيرة لا تتمتع بكيان صوتي مستقل تتميز به عن الجناس. وقد أكد المحاضر على أن الجناس والسجع وجهان لعملة واحدة، لأن الارتقاء في سلم التماثل يذيب الحواجز بين الجناس والسجع ليجعل منهما شيئا واحدا، ومن ثم يصير الجناس الوجه الآخر للسجع، ويصير السجع الوجه الآخر للجناس، وكلما ابتعدنا عن التماثل في اتجاه اللاتماثل نجد كل واحد منهما يستقل عن الآخر. وفي معرض الحديث عن قضية المحاكاة بين الأوزان والأغراض، قال المحاضر بأن فكرة حازم القرطاجني في بناء المحاكاة تعتمد على الأوزان، وهي فكرة لا تعكس الحقيقة الصوتية، لذا يرى أن المحاكاة تكمن في المادة الصوتية المفرغة في الوزن، فليس الوزن هو الذي يحدد سمات المادة الصوتية، ولكن المادة الصوتية هي التي تعكس حالتها بنفسها، وما الوزن بالنسبة لها إلا قالب عديم المعنى تفرغ فيه بغية تقنينها وخلق إيقاع موسيقي لها. الجلسة العلمية الثانية ترأس الجلسة محمد ولد دالي من جامعة المدية ـ الجزائر، وقد ضمت هذه الجلسة ثلاث مداخلات، كانت الأولى من إلقاء الدكتور حميدي بن يوسف من جامعة المدية-الجزائر، تحت عنوان: “المكونات المفهومية الصوتية في المصطلحات البلاغية (قراءة في التشكيلات الباطنية لثنائية (التصاوت /التصامت) من خلال المعاجم)”. وقد افتتح الدكتور مداخلته بمقدمة حول المنظومة المصطلحية للبلاغة وتمازجها المفهومي مع المصطلحات الصوتية؛ ولتوضيح هذا التجانس اختار ثنائية (assonance/consonance) التي قابلها بثنائية (التصاوت /التصامت) باعتبارها ثنائية تتشكل في بنيتها المفهومية العميقة من مادة صوتية مكثفة، وقد استقاها الباحث من معجم المصطلحات اللغوية لرمزي منير بعلبكي. كما أشار الباحث في المبحث الأول إلى التشكيل الصوتي الباطني في مصطلح “التصاوت”، حيث سعى من خلاله إلى إظهار مدى مساهمة المكون الصوتي في إنشاء المفهوم البلاغي لهذا المصطلح، منطلقا من المادة الصوتية في المعنى اللغوي لمصطلح “Assonance”. وقد ركز على المكون الصوتي في مفهوم التصاوت البلاغي ـ من خلال المعاجم المتخصصة ( معجم الأسلوبية لكاتي وليز Katie Wales ومعجم المصطلحات اللغوية لرمزي منير بعلبكي ومارغريت درابل Margaret Drabble في معجم أكسفورد ومعجم بنغوين للمصطلحات الأدبية) لينبه إلى أن المفاهيم تخضع إلى تحولات قد تؤدي إلى حدوث تعدد مفهومي، وهذا ما انسحب على مصطلح “التصاوت”. وأكد الباحث في حديثه عن المكافئات الترجمية لمصطلح assonance” أن التقابل الترجمي أوجد مساحة كبيرة من التقاطع المفهومي، بين المفهوم الأجنبي والترجمات العربية المقترحة، مثل الجناس والسجع والقافية. كما قدم الباحث في المبحث الثاني؛ التشكيل الباطني في مصطلح ” التصامت ” الذي يتوفر على مادة صوتية مكثفة، محاولا إظهار المكون الصوتي في إنشاء المفهوم البلاغي الذي يعبر عنه مصطلح “التصامت”، ومعرفة بنية المادة الصوتية وتشكلها في هذا المفهوم البلاغي ومبلغ تأثيرها فيه. وخلص الباحث إلى استنتاجات أهمها:  أن التلاقح الصوتي البلاغي متجذر في هذه الثنائية.  يحدث المفهومان أثرا بلاغيا، لكن الفرق بينهما يتعلق بنوع الأصوات المكررة صامتة أو صائتة وموقعها ضمن الكلمات المتجاورة.  العلاقة المفهومية بين الأصوات والبلاغة يمكن تمثيلها في مثلث مفهومي يشكل المكون الصوتي قاعدته، في حين يشكل المكون البلاغي رأس المثلث وقاعدته… أما المداخلة الثانية فقد ألقاها الدكتور الحسن بواجلابن من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ـ مراكش، في موضوع: “المكون الصوتي في نظرية المحاكاة عند حازم القرطاجني”، حدد في مقدمتها البيئات التي اهتمت بالبحث الصوتي، بدءا ببيئة المعجميين ومرورا ببيئة النحاة واللغويين وبيئة العروضيين وصولا لبيئة الفلاسفة المسلمين، ولتحديد مفهوم المحاكاة انطلق الباحث من قولة لحازم القرطاجني بين من خلالها الجذر الذي تتأسس عليه؛ متمثلا في التشبيه لأن المشابهة شرط أساس لتحقيق المحاكاة . ويرى الباحث أن المحاكاة عند القرطاجني جوهر الشعر، بحيث إن جودتها أو رداءتها هي المعيار لحسن الشعر أو رداءته؛ فهي وسيلة التخييل كما يدل على ذلك المنهاج، ووظيفتها هي الإثارة النفسية ولا تتحقق الوظيفة إلا بالتخييل عن طريق المحاكاة. أورد المتدخل في تحديد مفهوم التخييل مجموعة نصوص للقرطاجني تبين ذلك، مركزا على نظرية حازم القرطاجني في المحاكاة التي ترتكز على قانون التناسب، ومن مستويات هذا القانون في منهاج البلغاء وسراج الأدباء التي اهتم بها الباحث هناك: – التناسب في الحروف. – التناسب في الألفاظ. – التناسب في العبارات. وقد ختم الباحث مداخلته باستنتاجات نذكر منها: – ارتكاز الدرس الصوتي عند حازم القرطاجني على فصاحة المفرد والمركب، وعلى استحضار المتلقي. – اعتبار حازم القرطاجني المكون الصوتي مكونا جماليا أساسا في البناء الشعري. – تحديد شروط التأثير الحسن للإبداع الشعري من تجليات اهتمام حازم بالتوازن الصوتي في الشعر. – قيام أدبية الشعر بالنسبة إلى حازم على تلذاذ نفوس المتلقين بالمحاكاة. المداخلة الثالثة وقد ألقاها الدكتور أحمد البايبي من مختبر تحليل الخطاب وتكامل المعارف بجامعة مولاي إسماعيل- المغرب ، والتي حملت عنوان: “في التكامل بين الدراسات البلاغية والدراسات الصوتية: إيقاع التوازن اللفظي أو الجناس وملحقاته وبنينة الخطاب القرآني أنموذجا )”. رأى المتدخل في بداية حديثه أن البلاغة العربية، التي نشأت بمعية باقي علوم اللغة لخدمة النص القرآني، قد حفلت بالمكون الصوتي من وجوهه المتعددة، فحدث بينها وبين الدراسات الصوتية تلاقٍ في المباحث والموضوعات وتقاطع في المفاهيم والاصطلاحات. كما حدد المتدخل نوعين من الإيقاع: – إيقاع لساني في القواميس العربية، انطلاقا من قول الأزهري (المتوفى عام: 370هـ) وهو ما كرره أبو الفضل محمد بن منظور (المتوفى سنة 711هـ)، وأبو الفيض مرتضى الزبيدي (المتوفى عام 1205 هـ) بلفظه، وفي المقابل أهملته جل القواميس العربية القديمة، وفي مقدمتها: “كتاب العين” للخليل بن أحمد الفراهيدي (المتوفى سنة 175هـ). أما القواميس اللسانية فقد ذكر المتدخل خاصية بارزة تميزها تمثلت في الانتظام والاطراد. ذكر المتدخل أنواع الإيقاع في القول القرآني: كالإيقاع الكمي (مقطعي). والإيقاع النبري. وإيقاع مرتبط بالفاصلة القرآنية. وإيقاع لفظي قوامه الجناس وملحقاته. وهذا الإيقاع الأخير عالجت كتب البلاغة الجناس وملحقاته ضمن مباحث “علم البديع” أو “اللطيف” لتبين وظيفة الجناس الصوتية الايقاعية. وفي حديثه عن الإيقاع اللفظي أو الجناس وملحقاته وبنينة القول القرآني؛ عرف البنية Structuralisation باعتبارها الإجراءات والعمليات التي تسهم في إنشاء بنية لسانية أو اكتسابها. فالخرق، أو الخروج، أو مخالفة الأصول، أو العدول يكون في مقابل الاحتفاء بالإيقاع. وعلى ذلك نبه المهتمون “ببلاغة الخطاب القرآني”، خاصة منهم الفراء والزركشي وابن الصائغ وأبو حيان الأندلسي والسيوطي، الذي نقل عن ابن الصائغ أربعين صورة من صور مخالفة الأصول مراعاة لتناسب الفواصل. ومخالفة الأصول احتفاء بالإيقاع ليست مقتصرة على إيقاع الفاصلة كما قد يتوهم، بل تتعداه إلى أنماط إيقاعية أخرى خاصة الإيقاع اللفظي (الجناسي). فقد أرجع المتدخل الاتباع أو المشاكلة أو المجاورة أو الازدواج أو التقسيم أو الترصيع، لحقيقة صوتية واحدة وتعتمد آلية اشتغال واحدة وهي التجانس القطعي التام أو الناقص بين القرينتين. أورد المتدخل في الإيقاع اللفظي وخرق المستويات اللسانية الآتية: خرق التركـيـب مراعاة للإيقـاع اللفظـي وخرق قاعدة الإضمار؛ فالخطاب القرآني يخرق هذا الأصل احتفاء بالإيقاع، وهذا بين في سورة “الناس” المشتملة على كلمة “الناس” المتكرر، وحذف المقولات التركيبية وزيادتها مراعاة للإيقاع اللفظي بالإضافة إلى منع الصرف مراعاة للإيقاع اللفظي، حيث ذكر قوله تعالى “متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان”، فالإيقاع اللفظي هو ما منع كلمة (عبقري ) المجاورة لـ (رفارف) من الصرف على الرغم من أن الياء فيها ياء نسب. وفي سبيل تحقيق الإيقاع اللفظي يتم خرق القواعد الصرفية وتحدي معاييرها بطرق عديدة منها؛ تغيير البنيات الصرفية للإيقاع اللفظي الذي يكون حذفا أو زيادة. أما فيما يخص اختيـار القـراءة القـرآنية والاحتجـاج لها من منطلق إيقاعي، فقد ذكر المتدخل اختيار بعض القراء صرف بعض ما لا ينصرف، وتم الاحتجاج لهذا الاختيار من منطلق إيقاعي، كما أن مخالفة أصل القراءة القرآنية، هي مراعاة للإيقاع اللفظي، وقد يكون اختيار القراء القراءة بإحدى اللغتين المنقولتين في الكلمة مراعاة للإيقاع اللفظي، ففي كل الحالات يكون الإيقاع مطلوبا ومقدما على غيره ولو على حساب أصل القراءة. وقد ختم المتدخل مداخلته بالدور الرقابي للإيقاع اللفظي على التركيب، وعلى باقي مراحل اشتقاق الجملة المختلفة في مستوياتها اللسانية التركيبية والصرفية والصواتية…، كما خلص البحث إلى أن اللغة الواصفة، أو المقولات التركيبية، والصرفية والصواتية، تشارك في إحداث الإيقاع اللفظي، مما يجعله ذا إسهام وازن في بنينة اللغة القرآنية وفي التحكم في لغتها الواصفة. الجلسة العلمية الثالثة ترأست هذه الجلسة الدكتورة صفاء شريف كليب الشريدة، من جامعة اليرموك ـ الأردن، وقد استهلت كلامها بتذكير الحضور بأهمية المؤتمرات، التي يقوم بها مختبر الترجمة وتكامل المعارف بإدارة الأستاذ الدكتور عبد الحميد زاهيد، وقد ضمت هذه الجلسة ثلاث مداخلات. كانت المداخلة الأولى بعنوان: “أصول التفكير الصوتي عند البلاغيين”، للدكتور حسيني أبو بكر، من جامعة ورقلة بالجزائر، وقد ذهب الأستاذ الباحث في مداخلته إلا أن من بين أصول التفكير الصوتي المشافهة والوصف وأصول أخرى فصل فيها الأستاذ الكلام معتبرا في الوقت نفسه أن الدرس البلاغي فضاء رحب لمجموعة من المصطلحات والمفاهيم، بحيث إنه ما زال يفتح ذراعيه لاحتضان مزيد من القراءة والتأمّل، ومزيد من التحليل والتمثيل، لكن عزاءنا أن ما أثبتناه من عناصر ونماذج كفيل بإيضاح تصوّرنا وبيان فكرتنا، وأن أصول التفكير الصوتي في مختلف المعارف اللغوية عامة وعلوم البلاغة خاصة، أصبحت حقيقة واضحة بحاجة إلى دراسات مكثّفة لاستثمارها في مجريات الدرس اللساني بمختلف فروعه، وقد خلص الباحث إلى أمرين مهمين هما: – الدرس البلاغي العربي فضاء رحب، ومدونة ثرية للفكر الصوتي، لما يزخر به من مفاهيم ومصطلحات وآراء أسهمت في تشكيل المنظومة الصوتية العربية. – تمثل قضايا أصول التفكير الصوتي في التراث البلاغي العربي التي تناولناها، متنفسا جديدا للتعامل مع المفاهيم الصوتية لما تتيحه لنا من قراءات متجدّدة لمضامين النصوص البلاغية، لاسيما بعض التأمّلات في أصلي المشافهة والنقد الصوتي وما ارتبط بهما من ضمائم ومتعلّقات. كما أوص الباحث في هذا المقام ببذل مزيد من الجهود البحثية، لأجل استنباط الأصول العلمية والمنهجية للتفكير الصوتي في التراث اللغوي العربي، واستثمارها في مختلف مجالات البحث اللساني. أما المداخلة الثانية فألقاها الأستاذ الدكتور رشيد أعرضي، من جامعة القاضي عياض ـ المغرب، والتي كانت بعنوان: “التفسير العلمي لبعض معايير الفصاحة من خلال كتاب الدكتور عبد الحميد زاهيد الصوت في الدراسات النقدية والبلاغية التراثية والحديثة”، وقد تقدم الأستاذ الباحث في بداية عرضه بالشكر إلى كل من مركز الكندي ومختبر الترجمة اللذان يسهران على خدمة العلم وأهله، كما تقدم الأستاذ بالشكر إلى اللجنة المنظمة. وقد توقف الأستاذ الدكتور رشيد أعرضي عند التعليلات العلمية التي تميز الكتاب عامة، مثلما أثار الطابع التسهيلي في أسلوب الذي كتب به الكتاب، معتبرا أن المؤلف يدعو إلى بناء علم للصوتيات يساعد الباحث في تحليل النصوص. مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الأستاذ الدكتور عبد الحميد زاهيد توقف عند معيار صوتي وآخر فونولوجي ومعيار نطقي. وذهب الأستاذ الباحث في نهاية عرضه إلا أن هذا الكتاب الذي يزخر بآراء وأفكار بكر، يتطلب قراءات جادة للكشف عن مضامينه وأفكاره التي يريد أن يوصلها إلى القارئ، الذي نجده حاضرا في ذهن المؤلِّف، يربط بينهما حوار يدفعه من خلاله إلى التأمل في هذه الأفكار وفي الدلائل التي يسوقها لتأكيد وجهة نظره. كما يرى بأن هذا الكتاب يسعى إلى تقديم تعليلات صوتية علمية ومنطقية لبعض الظواهر الأدبية المرتبطة بالفصاحة والقافية والظواهر فوق مقطعية… هذه التعليلات العلمية يسعى من خلالها إلى ربط الحوار مع التراث، وقراءته قراءة معاصرة منتجة باستلهام أحدث النظريات الصوتية. ولا يقف طموح الكتاب عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى علمنة الأدب، ومساعدة المشتغل في تحليل الأدب عامة والشعر خاصة على فهم الظواهر الصوتية والإيقاعية فهما علميا، ويمكنه من أن يعلل تفسيره وتحليله تعليلا علميا. وأما المداخلة الثالثة فقد تقدم الأستاذ الدكتور محمد ولد دالي، من جامعة المدية ـ الجزائر، وقد كانت بعنوان: “فصاحة الكلمة المفردة عند البلاغيين العرب الوصف الصوتي والتفسير التداولي”، وقد توقف الأستاذ عند الفصاحة المفردة عند العلماء العرب، فقسمها إلى نوعين؛ فصاحة لغوية وأخرى بلاغية، وفصل القول في كل واحدة منهما كما أشار الأستاذ الباحث إلى اعتماد العلماء العرب المكون الصوتي في تقييم المفردة في حال التركيب أو في حال كونها معزولة عن السياق. كما ذهب الباحث إلى أن علماء البلاغة قد حاولوا في كثير من مباحثهم استثمار المُكون الصوتي في مجال البحث البلاغي، الذي يبحث في الوجوه التداولية للكلام، وفي تنوعها بحسب السياق. وهذه المحاولات تثري مجال الصوتيات التطبيقية، باستغلال ما يصل إليه البحث الصوتي من أفكار ونظريات، في عمليتي إنشاء الخطاب وتأويله، ولاشك أن الربط بين حقل الأصوات وحقل المعاني والأغراض لدى علماء البلاغة، قد قاد بعض الباحثين إلى القول بدلالة الصوت المفرد على معنى، غير أن هذا الرأي لا يصمد أمام مبدإ الوظيفة التمييزية، الذي أقره البحث اللساني، أما عن دلالة الأصوات مُجتمعة في اللفظة الواحدة على المعنى، والذي قال به بعض الباحثين، فلم يثبت هو الآخر أمام مبدإ اعتباطية اللغة، الذي يسري على معظم ألفاظها . كما ذهب الأستاذ إلى أن الرأي السائد لدى معظم الباحثين هو أن هناك تناسبا يُلحظ بين بعض الألفاظ ومعانيها، ومنه تتيح اللغة لمستعمليها أن يختاروا لكلماتهم أصواتا معينة خاصة، ليعبروا بها عن أغراض ومقاصد خاصة، في سياقات معينة عند إنشاء الكلام، وأن يستصْحبوا تلك الأصوات في نفس السياق لاستنباط تلك المقاصد والأغراض، عند تأويل الكلام. ثم إن دلالة أصوات الكلمة على معانٍ وأغراضٍ مُعينة، قد يكون قياسيا مطردا، عندما يتعلق الأمر ببعض أبنية الكلام، وقد يكون غير قياسي، خاضع للذوق، عندما يتعلق الأمر بالأصوات المفردة. الجلسة العلمية الرابعة ترأس الجلسة العلمية الرابعة الدكتور أبو بكر حسيني، من جامعة ورقلة بالجزائر، وقد تضمنت هذه الجلسة أربع جلسات، افتتح رئيس الجلسة كلمته بالشكر الجزيل لكل الجهات المنظمة لهذا المؤتمر العلمي القيم، وبعد ذلك أعطى الكلمة لصاحبة المداخلة الأولى الدكتورة صفاء شريف كليب الشريدة من جامعة اليرموك بالأردن، وكان موضوع مداخلتها: “أثر المكونات الصوتية في التكامل الإيقاعي في النص القرآني”، وتذهب الدكتورة إلى أن لعنصر الإيقاع دور مهم في تمييز لغة القرآن، عندما تحقق التوازن بين عناصر المعنى والصوت في أمثل صوره؛ فخلق تكاملا حسيا لدي المتلقي كاد، أحيانا، يأخذ بوعيه، فقبل النص ورسالته قبل إدراك معانيه ومضامينه. وهي الفكرة التي اصطادها الشعر متأخرا من القرآن الكريم، عندما اتجه نظر الشعراء إلى قصيدة النثر؛ للخروج بالشعر من كونه كلاما يتفلت داخل لحن موسيقي رتيب إلى فضاء إيقاعي رحيب. كما تذهب الدكتورة إلى أن النص القرآني يتناوب بين ضابطي الوزن والتوازن؛ فيظهر، أحيانا، على هيئة حركة منتظمة للصوامت والصوائت في شكل يميل للوزن، ويتجلى في غالب الأحيان في صور من التوازي، والتلازم، والتكرار، والتساوي محققا صورا متنوعة ومتداخلة من التوازن، وخلصت في آخر العرض إلى أن النص القرآني نص قائم على تكامل إيقاعي؛ له عناصر ضبط كلية وجزئية، تشتغل العناصر الكلية عموما في السور القصار، وكلما طالت السورة اشتغلت العناصر الجزئية، فتتضافر عندئذ لسبك الإيقاع الكلي، وبهذا فإن الإعجاز الإيقاعي هو باب آخر يثبت الإعجاز والتفرد للنص القرآني. أما المداخلة الثانية فكانت بعنوان: “ضوابط تأليف أصوات العربية بين علم الأصوات وعلم البلاغة”، للدكتور محمد العلْوي من مختبر الأبحاث المصطلحية والدراسات النصية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز ـ فاس. ويذهب العارض من خلال مداخلته إلى أن جل الدارسين قديما وحديثا يجمعون على أن أصوات اللغة أو حروف المباني المفردة مجردةٌ من أي معنى، و أن الحصول على وحدات أكبر ذات معنى وجب تأليف الأصوات ومزج بعضها مع بعض، وكما يذهب إلى أن هذا التأليف يخضع لقواعد وقيود اهتم بدراستها في العربية اللغويون والصرفيون والبلاغيون قديما، ثم تجدد البحث في هذا الموضوع مع تطور الدراسات والنظريات اللسانية الحديثة خصوصا الصواتية والصرافية. وقد توصل العارض من خلال هذه المداخلة إلى أن ضوابط التأليف في العربية في التراث اللساني العربي، وفي اللسانياتِ الحديثة، سلسلةٌ متصلةُ الحلقات، وأن تراثنا اللسانيَ العربيَ حلقةٌ مهمة من تلك الحلقاتِ لكنه ليس آخرَها، كما توصل إلى أن البلاغة العربية تحمل في ثناياها إضافات وإسهامات لا يمكن تجاهلها في معالجة قضية تأليف الأصوات في العربية على الرغم من اختلاف المنطلقات والأهداف. أما المداخلة الثالثة فكانت بعنوان: “التقابل الثنائي: مخرج حنجري / مخرج شفوي ودلالاته في سورة الكوثر” للدكتور عادل محلو من جامعة الشهيد حمّة لخضر الوادي ـ الجزائر. انطلق الدكتور عادل ملحو في تحليله من سورة الكوثر، وذلك من أجل الوقوف عند دلالة التقابل الثنائي بين المخرج الحنجري والمخرج الشفوي، بحيث لاحظ أن تفاوت حضور المخرجين الحنجري والشفويّ وغيابهما التام أو الجزئيّ في آيات السورة، يساهم في بإبراز حركة عالمي الغيب والشهادة في كلّ واحدة منها، وهو وجه من وجوه إعجاز لغة القرآن الكريم، وباب من أبواب بلاغته؛ إذ لا يعمل المكوّن الصوتيّ للنصّ القرآنيّ منفصلا عن المكوّن الدّلاليّ، بل يتكاملان في تناسق وانسجام لتبليغ مقاصد هذا النصّ المقدّس عبر مستويات تلقٍّ متعدّدة، أحدُها هو هذا المستوى التكامليّ بين مكوّنيه الصوتي والدلاليّ. أما المداخلة الرابعة فكانت بعنوان: “الأثر الدلالي للصوت في الشعر: نماذج من شعر الصنوبري” للدكتور كمال لفنوني، أستاذ باحث من المغرب، ويرى الأستاذ من خلال مداخلته بأن أن أغلب الدراسات التي تناولت الجانب الصوتي في النص الأدبي قسمت مكوناته الصوتية قسمين: إيقاع خارجي وإيقاع داخلي فالأول يشمل الوزن والقافية اللذين يعتبران من أهم علامات الانتظام في البنية اللفظية للقصيدة، إضافة إلى أنها من أقوى وسائل الإيحاء التي تعبر عن الحالة الشعورية التي ألقت بظلالها على صاحب النص. أما الآخر فيشمل المظاهر الصوتية التي تولد المتواليات الصوتية والجرس الموسيقي داخل النص، مثل: التكرار والتوازي والتدوير والتصريع وغيرها. وقد ناقش المتدخل هذين القسمين من خلال شعر الصنوبري، ليستنتج في الأخير أن الصنوبري حاول أن يطور المستوى الصوتي في تجربته الشعرية؛ إذ نجد في شعره إيقاعا خاصا لم يقف عند الإطار الخارجي كالوزن والقافية، بل نجد تركيزا قويا للإيقاع الداخلي تتناغم فيه الحروف، فضلا عن تكرار الكلمات التي يشكل حضورها جرسا خاصا، ولاسيما إذا تحقق فيها التوازي الصوتي، إلى جانب اعتناء الشاعر كثيرا بالتكرارات التي لا تكاد تخلو منها أي قصيدة من قصائد الديوان، بالإضافة على التدوير والتصريع. كل هذه المظاهر الصوتية أسهمت بشكل واضح في إغناء الإيقاع الصوتي من جهة، والتأثير في البنية الدلالية في شعر الصنوبري من جهة أخرى. الجلسة العلمية الخامسة ترأسها الأستاذ الدكتور فريد بن عبد العزيز الزامل السليم من جامعة القصيم ـ المملكة العربية السعودية، وقد ضمت ثلاث مداخلات. وكانت المداخلة الأولى للدكتور محمد الهاشمي من كلية الآداب ظهر المهراز بفاس ـ المغرب، في موضوع: “البنيات البلاغية إنتاجا وتكوينا (التأويل الصوتي والبعد الوظيفي)، وقد سعى الباحث من خلال عرضه إلى تقديم إجابة عن طبيعة العلاقة القائمة، بين الصورة التي تتحقق بها البنيات البلاغية صوتيا، والوظيفة التي تأديها هذه البنيات تواصليا، والحديث عن البنيات البلاغية من منظوره حديث عن البنيات الرمزية والنيات الاستعارية والكنائية والمجازية. وقد انطلق من فرضية مفادها أن تكاملا للأدوار قائما بين مكونات النحو في إنتاج عبارات محددة، والمقصود بالنحو؛ النحو بوصفه جهازا واصفا، يمثل المادة اللغوية كما هي واردة في الذهن البشري، وعالج هذا الإشكال في إطار نموذج مستعمل اللغة الطبيعية ونحو الخطاب الوظيفي. وحدد مجموعة من البنيات اللغوية؛ البنية الأولى: هل وقع فعلا الزلزال السياسي هذه السنة؟ البنية الثانية: ورثنا المجد عن أجدادنا ونخشى أن نفتقده في زماننا. وبنيات أخرى، والهدف المنشود هو رصد أوجه التكامل بين اللسانيات ذات الطابع التفسيرية وعلم البلاغة، وابتدأ بالبنيات البلاغية المفهوم والمجال وحاول من خلاله رفع الالتباس عن مفهوم البنيات البلاغية داخل نموذج مستعمل اللغة الطبيعية ونموذج نحو الخطاب الوظيفي. وأردف هذا المبحث بمبحث البنيات البلاغية في الخطاب الوظيفي، وتحدث فيه عن المكون التصوري والمكون السياقي والمكون النحوي ومكون المخرج وتتم عملية تحديد البنيات البلاغية للعبارة اللغوية وفق تحديد القصد وصياغة القصد. أما المداخلة الثانية فقد ألقاها الدكتور مبارك بلالي من جامعة أدرار – الجزائر، والتي كانت بعنوان: “الأثر النفسي الوجداني للمكونات الصوتية في الألفاظ القرآنية مقاربة في لذة التفسير والتأويل” وأشار الباحث في مقدمة عرضه إلا أن عمله سيقارب جانبا من جوانب الإعجاز القرآني؛ والمتمثل في الترابط القوي بين خصائص أصواته والدلالات، والتي تحملها الآيات والسور، وتشكلت مداخلته من خمسة مباحث وسم الأول منها بـ “بلاغة الجرس الصوتي في تركيب اللفظ القرآني وأثره النفسي الوجداني”، وقارب فيه الدلالة الصوتية لبعض الألفاظ القرآنية من قبيل “الاصطراخ” في قوله تعالى: {وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا}، وكذلك لفظ “كبكبوا” في قوله: {فكبكبوا فيها هم والغاوون}، ولفظ “دكتا” في قوله: {وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة}. وعنون المبحثين الثاني والثالث بـ “الأثر النفسي الوجداني لأصوات الصفير في اللفظ القرآني” و”الأثر النفسي الوجداني للمد في بعض ألفاظ القرآن”، وقد أشار إلى الوقع النفسي للأصوات المعنية الناتج عن وضوحها السمعي القوي، ومثل لذلك بمجموعة من الآيات من بينها قوله تعالى {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}، والأمر ذاته بالنسبة إلى أصوات المد التي وردت في القرآن في مواطن عديدة، وعالج في المبحثين الآخرين جانب ترابط اللفظ والمعنى، من خلال “التناسب الدلالي والبلاغي بين ألفظ القالب الواحد” و”المناسبة بين اللفظ والمعنى في ألفاظ القرآن”. أما بخصوص المداخلة الثالثة فقد كانت بعنوان:”التناسب الصوتي الدلالي في القرآن”، للأستاذ الباحث عد العزيز التزكيني من مختبر الترجمة وتكامل المعارف – المغرب، وابتدأ مقدمته بالإشارة إلى الأهمية التي قابل بها العرب الإيقاع، وجاءت البحث في مبحثين ومقدمة وخاتمة، المبحث الأول معنون بـ “تعريف الإيقاع والعلوم الفاعلة فيه”، وتطرق فيه إلى رصد بعض دلالات جذر “و ق ع” في المعاجم العربية، وإلى إسهام علم النحو والعروض والتجويد والبلاغة العربية في الإيقاع الصوتي. أما المبحث فقد كان مبحثا تطبيقيا قارب فيه نوعين من الخطاب يتواجدان بكثرة في القرآني؛ الأول خطاب لين ورقيق ويطبعه الحنو، ويتجلى في خطاب الله لأهل الجنة، وخطاب ثاني مباين للأول، يتميز الشدة والقسوة، ويتجلى فيه خطاب الله تعالى لأهل الوعيد من الكفار والمنافقين. وقد خلص الباحث في عرضه إلى أن الإيقاع الصوتي قد حظي عند العرب بمكانة رفيعة، وذلك لإسهامه في إضفاء طابع نغمي على كلامهم بصفة عامة، وعلى النظم القرآني وعلى أشعارهم بصفة خاصة. بحيث تكاملت فيه مجموعة من العلوم العربية من قبيل النحو والعروض والتجويد والبلاغة فيما بينها بغية خلق إيقاع صوتي بديع يشد الانتباه ويؤثر في القلوب. كما بين الباحث أن وظيفة الإيقاع الصوتي لا تنحصر في إغناء الطابع الموسيقي للكلام فقط، إنما تسهم كذلك في توجيه دلالته، ذلك أن الإيقاع الصوتي في القرآن الكريم يختلف من حيث الشدة واللين باختلاف السياقات والمخاطبين، فمقام الحديث عن الجنة ونعيمها يطبعه الإيقاع الرقيق واللِّين، أما الحديث عن النار وأهوالها فيغلب عليه الإيقاع الغليظ والقوي، وما قيل عن هذين الموقفين يقال أيضا عن إيقاع مخاطبة أهل الصلاح من الأنبياء والرسل والصالحين، وإيقاع مخاطبة أهل الكفر والنفاق. الجلسة العلمية السادسة ترأس هذه الجلسة الدكتور عادل محلو من جامعة الشهيد حمة الخضر الوادي-الجزائر، وقد ضمت ثلاث مداخلات. ألقى الدكتور جيلالي فاسي من كلية اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية جامعة الجزائر 2 المداخلة الأولى، والتي كانت في موضوع “بلاعة التناسب في القرآن الكريم من المستوى الصوتي إلى المستوى الدلالي”، وقد مهد لمداخلته بالإشارة إلى أن الدراسات النصية الحديثة قد أولت اهتماما كبيرا للمعايير التي تراعي في نحو النص، وامتدت هذه المعايير إلى النص القرآني، ومن ثمة تساءل حول مدى وجود هذه المعايير في التراث العربي البلاغي؟ وفي أي مستوى من مستويات اللغة يظهر ذلك؟ وما هي الأغراض البلاغية التي تؤديها؟ بدأ المتدخل في الإجابة عن إشكال بحثه، وذلك بتحديد مفهوم التناسب في المعاجم أولا، منتهيا من خلاله إلى أن معناه متسع؛ إذ انطلق في البداية من فكرة التقابل الحاصل بين طرفين أو أكثر، ليشمل بعد ذلك ظواهر بلاغية أخرى خارج علم البديع، واسترسل حديثه حول معيار التناسب في فواصل آي القرآن الكريم ثانيا، وموضحا من خلال هذا المبحث الثاني مستويات التناسب في تلك الفواصل، وقد حددها في أربعة مستويات: الصوتي، والصرفي، والتركيبي، والدلالي والمعجمي، لينهي حديثه ببيان وظيفة التناسب التي تطورت من التحسين إلى البيان، والتي من أبرزها الانسجام. وقد كان الهدف من هذا البحث بالأساس كما أشار إلى ذلك صاحب المداخلة هو استكشاف الوظيفة البلاغية للتناسب ودوره في تحقيق الإعجاز البياني للقرآن الكريم. وبعد ذلك حول رئيس الجلسة الكلمة إلى الدكتور فريد بن عبد العزيز الزامل السليم من جامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية لإلقاء مداخلته التي عنونها بـ”البحث الدلالي في مواضع الإدغام الجائز في الصيغ الصرفية في القرآن الكريم”، تحدث فيها بعد المقدمة عن الدلالات المستنبطة من الإدغام في الصيغ الصرفية؛ مبينا بأمثلة تطبيقية، فانتهى من خلال ذلك إلى خلاصات منها: أن علماء التصريف لم يعلقوا معنى دلاليا على الإدغام، وأن مآخذ الاستنباط في الأمثلة المختارة لا يعول على الإدغام بذاته، وإنما يحمل دلالات من خلال السياق وكذا الصور الذهنية المتعلقة بالمواقف، كما أن دلالة كل إدغام لم تطرد في الأمثلة المختارة. كما تحدث في المبحث الثاني عن الصيغ المحتملة بسبب الإدغام وصورها كثيرة، وقد قسم هذا المبحث إلى مطلبين، بيّن في الأول بعض الصيغ المحتملة للإدغام، وفي الثاني الصيغ التي وقع فيها الإدغام فاحتملت بذلك أكثر من معنى، موضحا ذلك بأمثلة كثيرة. وانتهى في مداخلته عامة إلى نتائج منها: أن وقوع الإدغام في بعض الصيغ كان سببا في اشتراكها بصيغ أخرى، بعد ذلك ختم مداخلته بالتأكيد أن موضوع مداخلته هاته يستدعي دراسات خاصة لتبيان مدى أثره في النص، وما له من إيحاءات بيانية ومعنوية. أما بخصوص المداخلة الثالثة والأخيرة فهي للدكتور عبد الله العلمي، من المغرب في موضوع: “بلاغة الفواصل القرآنية ( قراءة في آيات العقيدة)”، بدأ بتحديد الهدف من عرضه المتجلي في السعي إلى مقاربة فواصل السور العقدية المكية؛ بتبيان أثرها في مخاطبة وجدان ومشاعر المخالفين لعقيدة القرآن، والتي تتمثل في الوحدانية حسب تصوره، وقد عرج بعد ذلك إلى الحديث عن الفاصلة القرآنية وقضية الإعجاز، فعرف مصطلح الفاصلة أولا وحدد سمات الفاصلة القرآنية ثانيا، ثم بين العلاقة بينها وقضية إعجازه. وانتقل في المبحث الثاني إلى بيان بلاغة الفواصل القرآنية في آيات العقيدة، من خلال أمثلة مختارة، مبينا في ثناياه بلاغة الفاصلة وبناء عقيدة التوحيد، سواء من حيث ترتيبها أو من حيث دقة معانيها، وموضحا بلاغتها أيضا أثناء حجاج المعتقدات المخالفة من حيث ترتيبها، ومن حيث دقة معانيها، وكذا من حيث صيغها، وقد أنهى مداخلته بنتائج قسمها إلى نتائج عامة ونتائج خاصة، ومنها كون الفاصلة القرآنية أسهمت في إبلاغ عقيدة التوحيد وبيان أسماء الله وصفاته. وبعد ذلك فتح باب المناقشة، وانتهت الجلسة بشكر رئيس الجلسة لكل المتدخلين خلال أيام المؤتمر، والجهات المنظمة التي فتحت المجال للتباحث في هذه المواضيع المعرفية المهمة، وقد دعا إلى فتح البحث في العلوم الأخرى التي تتكامل وعلم الأصوات.


 

مقالات ذات صله