ينظم مركز الكِنْدِي للترجمة والتدريب بالتعاون مع مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، ودار الحديث الحسنية بالرباط
المؤتمر الدولي الرابع في علم الأصوات وتكامل المعارف
في موضوع: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم القراءات”
يومي: 23- 24 أكتوبر 2019.
تكريما لعالم القراءات الشيخ الدكتور عبد الهادي حميتو
ديباجة المؤتمر:
كان القرآن الكريم ولا يزال مدار العلوم الإنسانية كلها؛ بل ظل محفزا على البحث والنظر والتدبر. ويعتبر علم القراءآت القرآنية من علوم القرآن الأشد ارتباطا وتعلقا بالقرآن، لكونه المدخل الأساس لترتيله وفهم آياته، والمميز لما يصح التعبد به من غيره. وبهذا العلم يعرف كيفية النطق بالكلمات القرآنية، ووجوه أدائها، اتفاقا واختلافا مع عزو كل وجه لناقله.
ومن دون شك إن من يستحضر تعريفات العلماء، قدماء ومحدثين، لعلم القراءات ومجمل المباحث التي طرقوها في مصنفاتهم، سيسجل التكامل المعرفي الجلي بين هذا العلم والعلوم الشرعية واللغوية بشكل عام، علم الأصوات وبشكل خاص؛ بوصفه العلم الذي يدرس أصوات الكلام، ويهتم بالإنجازات والتحققات الصوتية للأصوات والفونيمات، والظواهر التطريزية، فعلم القراءات وعلم التجويد علمان يشتركان في دراسة صفات الأصوات ومخارجها وتطريزها في حالة الإفراد والتركيب.
وإذ أصبح التكامل المعرفي بين العلمين حقيقة وضرورة، فإن ما يغري بالبحث والنظر هو الكشف عن أوجه التكامل، وبيان تجلياته ومجالات تطبيقه واستثماره؛ فالوعي بهذا التكامل وتمثله جديران بتقديم التفسير العلمي لكثير من القضايا الشائكة والدقيقة في القراءات القرآنية، وتقديم إجابات شافية لإشكالات صوتية ظلت عالقة لردح من الزمن، وذلك بالإستفادة من معطيات علم الأصوات الحديث.
ورغبة في تحقيق هذه الأهداف؛ ينظم مركز الكندي للترجمة والتدريب بشراكة مع مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط ومختبر الترجمة وتكامل المعارف المؤتمر الدولي الرابع في موضوع: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم القراءات القرآنية “.
ويعد هذا المؤتمر حلقة أخرى ضمن سلسلة المؤتمرات العلمية التي ينظمها مركز الكندي للترجمة والتدريب بمعية مختبر الترجمة وتكامل المعارف في إطار التكامل المعرفي بين علم الأصوات ومختلف العلوم والمعارف. وكان أولها التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم الموسيقى وثانيها بين علم الأصوات وعلم البلاغة وثالثها بين علم الأصوات وعلم التجويد.
أهداف المؤتمر:
يهدف هذا المؤتمر إلى تحقيق الأهداف التالية:
1- الوقوف على أشكال الإمداد والاستمداد، والتأثير والتأثر بين علم الأصوات وعلم القراءات القرآنية.
2- الكشف عن القضايا والمباحث المشتركة بين العلمين، ومدى ارتباطها بالمعطيات المعرفية المؤطرة لهما.
3- تقييم المنجز الصوتي في القراءات القرآنية من منظور صوتي، اعتمادا على منجزات علم الأصوات الحديث.
4- استثمار نتائج علم الأصوات ومعطياته في دراسة القراءات القرآنية.
5- بيان أهمية المكون الصوتي في إعجاز القرآن الكريم بتعدد قراءاته.
المحاور العامة للمؤتمر:
الأسس المعرفية للتكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم القراءات القرآنية.
أهمية علم الأصوات في بيان المسكوت عنه في القراءات القرآنية.
المصطلح القرائي الصوتي.
دور التوجيه الصوتي في نقد القراءات القرآنية.
الصوت والقراءات القرآنية: تطور وتأريخ.
أوجه الإعجاز الصوتي في القراءات القرآنية.
المماثلة والمخالفة الصوتيين في القراءات القرآنية.
مظاهر التزاوج النطقي في القراءات القرآنية.
القيم التعبيرية للاختلاف الصوتي في القراءات القرآنية.
التناسب في أوجه الاختلاف الصوتي بين القراءات القرآنية.
أصول الاختلاف الصوتي بين القراءات القرآنية.
التكامل المعرفي بين الدرس الصوتي والقراءات القرآنية.
التنوع اللغوي/اللهجي والاختلاف الصوتي في القراءات القرآنية.
التطريز الصوتي في القراءات القرآنية.
الرسم القرآني والدلالات الصوتية.
شروط عامة للبحوث:
1. أن يتسم البحث بالمنهجية العلمية ومواصفات البحث العلمي الرصين.
2. يتم تبويب البحث على النحو الآتي:
أ- عنوان المقال: ويضم: اسم المؤلف واسم الجامعة أو مؤسسة الانتساب.
ب- ملخص في حدود 200 كلمة.
ت- ضرورة وضع الكلمات المفاتيح بعد الملخص.
3. أن تتراوح صفحات البحث ما بين 10 و 15 صفحة، مقاس(A4) ، وأن يكون خط المتن والعناوين(Times New Roman) بمقاس14، و (Times New Roman) بمقاس (12) في الهوامش، مع مراعاة مقاس واحد ونصف (1,5) بين السطور.
4. ترقيم هوامش البحث في أسفل الصفحة مع الاكتفاء بكتابة اسم الكتاب والصفحة فقط، على هذا النحو:
1 – علم الأصوات وتكامل المعارف: 123.
5. تكتب العناوين الرئيسية بحجم الخط 16، والفرعية بحجم 14.
6. تحول الرسوم والأشكال الهندسية إلى صور، حفاظا على شكلها الأصلي.
7. ترتيب قائمة المصـادر والمراجع في آخر البحث باعتماد عناوين المؤلفات، دون إغفال اسم المؤلف ورقم الطبعة ودار النشر ومكان النشر، وكذلك سنة النشر.
مواعيد مهمة:
آخر أجل للتوصل بملخص البحث، واستمارة المشاركة، وموجز السيرة الذاتية: 31 يناير2019؛ وستقوم لجنة التحكيم بالرد على الملخصات قبولا أو رفضا فور التوصل بها.
آخر أجل للتوصل بالبحث كاملا: 31 ماي 2019.
سيتم الرد على المقالات قبولا أو تعديلا أو اعتذارا قبل نهاية شهر يونيو 2019.
تاريخ انعقاد المؤتمر: 23- 24 أكتوبر 2019.
مكان انعقاد المؤتمر: كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش المملكة المغربية.
تبعث الملخصات والاستمارات والبحوث المقترحة للمشاركة إلى البريد الالكتروني:alkindiconference07@gmail.com
تطبع دار عالم الكتب الحديث بالأردن أعمال المؤتمر قبل انعقاده.
رسوم المؤتمر:
– رسوم المؤتمر للمشاركين بورقة بحثية توافق عليها اللجنة العلمية 450 دولار أو ما يعادلها. وتغطي هذه الرسوم خدمات المؤتمر (حقيبة المؤتمر، كتاب المؤتمر، شهادة المشاركة) ونفقةَ الإقامة ثلاث ليال في فندق مصنف 4 نجوم، والتغذية والتنقل طيلة أيام المؤتمر.
– لا تسلم شهادة الحضور إلا لمن حصل مسبقا على الموافقة.
– يتحمل المشارك نفقات السفر ذهاباً وإياباً.
اللجنة العلمية:
د. عمر عتيق (فلسطين)
د. أحمد كروم (المغرب)
د. زيد القرالة (الأردن)
د. أحمد البايبي (المغرب)
د. عبد الواحد المرابط (المغرب)
د. ابراهيم أسيكار (المغرب)
د. حسين كتانة (الأردن)
د. رشيد أعرضي (المغرب)
د. عبد الله الرشدي(المغرب)
د. عمر الحسن (الجزائر)
د. إدريس جبري (المغرب)
د. عبد العزيز أيت بها (المغرب)
د. عبد القادر بقشى (المغرب)
الإشراف العام على المؤتمرات الكندي ومختبر الترجمة وتكامل المعارف:
د. عبد الحميد زاهيد: مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف- مراكش
د. حسن درير: مدير مركز الكندي للترجمة والتدريب- مراكش
استمارة المشاركة + السيرة الذاتية
الاسم الكامل:
الهاتف الشخصي:
البريد الإلكتروني:
الدرجة العلمية والتخصص الدقيق:
مكان العمل:
محور المشاركة:
عنوان المداخلة:
ملخص الموضوع:
موجز السيرة الذاتية
تقرير المؤتمر الدولي الرابع حول علم الأصوات وتكامل المعارف في موضوع:
التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم القراءات
يومي 23-24 أكتوبر 2019
نظم مختبر الترجمة وتكامل المعارف بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، ومركز الكندي للترجمة والتدريب بالتعاون مع دار الحديث الحسنية بالرباط ، المؤتمر الدولي الرابع حول علم الأصوات وتكامل المعارف في موضوع: “التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم القراءات القرآنية” تكريما لعالم القراءات الشيخ الدكتور عبد الهادي حميتو وذلك يومي 23 و24 أكتوبر 2019 بمراكش. وقد تضمنت أشغال المؤتمر خمس جلسات علمية، بالإضافة إلى الجلسة الافتتاحية والمحاضرة الافتتاحية، والجلسة التكريمية.
الجلسة الافتتاحية:
افتتحت أشغال اليوم الأول من المؤتمر بالجلسة الافتتاحية التي كانت برئاسة الدكتور عبد الله الرُّشدي من دار الحديث الحسنية بالمغرب؛ حيث رحب بالحضور وأشاد بالمؤتمر ومنظميه، ثم سلّم الكلمة بعد ذلك إلى السيدعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور عبد الرحيم بنعلي، الذي نوه بأهمية موضوع هذا المؤتمر وذكر أن علم القراءات القرآنية من العلوم الأشد ارتباطا بالقرآن الكريم، فهو المدخل الأساسي لفهمه وفهم آياته، وأكد على أن التكامل بين علم الأصوات وعلم القراءات أمر في غاية الأهمية ويخدم الدراسات القرآنية، كما أشاد بفكرة الاحتفاء بالشيخ العلامة الدكتور عبد الهادي حميتو الذي كرس حياته لخدمة القرآن الكريم. وفي ختام كلمته رحب بجميع الضيوف وقدم شكره الخاص لمختبر الترجمة وتكامل المعارف، وكذا مركز الكندي للترجمة والتدريب.
بعدها تسلم الكلمة الدكتور حسن درير مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف، الذي رحب بجميع المشاركين من داخل المغرب وخارجه، وشكر عميد كلية الآداب وكذا مدير دار الحديث الحسنية ونوه بتعاونهما البناء مع المختبر، وأوضح بأن التكامل المعرفي بين علم القراءات وعلم الأصوات يعد ضرورة ملحة، لذلك وجب الكشف عن أوجه هذا التكامل بين العلمين وبيان تجلياته ومجالات تطبيقه واستثماره، وفي الأخير جدد شكره لكل الحضور.
ثم أخذ الكلمة الدكتور عزيز الخطيب نيابة عن مدير دار الحديث الحسنية؛ فذكر بأن ما يميز العلوم كونها تنفرد وتتخصص بمجال معين، إلا أن الأمر يختلف في دراسة القرآن فالعلوم هنا تتكامل لخدمة الكتاب الكريم، وتسعى لتوضيح معاني القرآن وتفسيره، فمسألة التكامل المعرفي بين علم الأصوات وعلم القراءات جاءت لهذه الغاية.
وأخيرا تناول الكلمة الدكتور عبد العزيز أيت بها نيابة عن الدكتور عبد الحميد زاهيد مدير مركز الكندي للترجمة والتدريب، وقد رحب من خلالها بالحضور وبكل المساهمين في إنجاح هذا المؤتمر كل واحد باسمه دون استثناء، وأشار إلى أن الهدف من هذا المؤتمر يكمن في أمرين:
– التداول في القضايا التي يطرحها التكامل بين علم الأصوات وعلم القراءات، مع تجديد النظر العلمي في الكثير من المفاهيم المشتركة بين العلمين.
– الوقوف مرة أخرى وقفة إجلال وتقدير تكرس ثقافة الاعتراف بالجميل لدى الأجيال المتعاقبة من خلال كان تكريم الشيخ العلامة الدكتور عبد الهادي حميتو، وأخيرا جدد شكره وترحيبه بالمشاركين من خارج المغرب وداخله وجميع الأعضاء المساهمين في إنجاح فعاليات المؤتمر.
الجلسة العلمية الأولى: المحاضرة الافتتاحية: “حضور كتاب سيبويه في أدبيات المقرأة المغربية”
استهل العلامة الدكتور عبد الهادي حميتو محاضرته بتوجيه الشكر والعرفان للجهات المنظمة للمؤتمر. ثم شرع في بيان سياق موضوعه العلمي، وأسباب اختياره لعنوانه؛ حيث قال: إن أجدر شخصية وكتاب تتلاقى فيه المعارف ويتحقق فيه التكامل المعرفي هو شخصية الإمام سيبويه وكتابه البحر، وقد آثر دراسة هذا العَلم ومتنه من خلال جوانب لم تنل حظها من جهود الباحثين إلا قليلا؛ ذلك أنه اتجه إلى أثر الكتاب وأصدائه في المقارئ المغربية، وكيف استقبلته وتمذهبت بمذاهبه، وكيف تمثل ذلك في أدبياتها شعرا ونثرا، مما لا نجد له أثرا في المقارئ المشرقية. كما أوضح سبب استعماله لفظة ” المقارئ” بدل المدارس؛ لأن أهل المغرب والأندلس كانت دراستهم للعلوم المتنوعة بالمساجد.
وبعدها ذكر الدكتور حميتو أقسام بحثه المكتوب والتي جاءت على النحو التالي: المقدمة، والتمهيد، وأربعة مباحث، وهي، الأول: سيبويه وكتابه الذي بهر، والثاني: المسألة الزنبورية ومحنة سيبويه فيها، والثالث: مظاهر الشغف بكتاب سيبويه لدى المغاربة، وما قيل في تقريظه والانتصار له ولمؤلفه، والرابع: ما قيل في قراءة كتاب سيبويه نظما في أدبيات المقارئ المغربية، والاستدلال به، والاحتجاج له. ثم الخاتمة: وفيها ذِكر لغروب شمس الكتاب، وهل يمكن إحياء تدريسه في معاهدنا وكلياتنا.
وقد ركز العلامة حميتو في محاضرته على المبحث الثالث لأهميته، ونظرا لضيق المقام الذي لا يتسع للمحاضرة كلها، وعدد صفحاتها يربو على الثمانين. ومن أهم الخلاصات التي جاءت فيه:
- أن إقبال المغاربة على كتاب سيويه كان كبيرا، في وقت انصرف المشارقة عنه إلى كتب علماء آخرين جاؤوا بعده، كالمبرد، والزجاج، والزجاجي، وأبي علي الفارسي…
- لم تصل رواية كتاب سيبويه إلى الأندلس والمغرب إلا في أواخر المائة الثالثة أو أوائل المائة الرابعة للهجرة على المشهور، ويجمع الباحثون على أن الرائد الحقيقي للكتاب هو: أبو عبد الله محمد بن يحيى القرطبي المعروف بالرَّباحي.
- قدم العلامة حميتو جردا لتقاريض عدد من علماء الأندلس حول سيبويه وكتابه، كالشنتمري، وابن خروف، والبطليوسي، وابن طراوة، والشلوبين… والذين انبروا لخدمة الكتاب بالشروح والحواشي والتعليقات والنكت…
وفي ختام المداخلة العلمية الرصينة، أشار العلامة حميتو، متأسفا، إلى أن شمس الاهتمام بالكتاب بدأت تغيب؛ حيث بدأ التركيز على المتون الصغيرة كالآجرومية وألفية ابن مالك، وبذلك تحول مسار الدرس النحوي في المقارئ المغربية لحساب هذه المتون. ثم، تساءل الدكتور عبد الهادي: هل بإمكان معاهدنا اليوم أن ترفع محنة الهجر عن كتاب سيبويه؛ ليجدد حياته وصلته بحلقات الدرس اللغوي، ولو باختيار أصول منه ضمن الدروس المقررة؛ لإعادة الاعتبار له، وللاغتراف من معينه؟
الجلسة العلمية الثانية:
استفتحت الجلسة العلمية الثانية، والتي ترأسها الدكتور عبد القادر حمدي من جامعة القاضي عياض – المغرب، بمداخلة للدكتور حسيني أبو بكر من جامعة ورقلة بالجزائر الموسومة بـ: “مُدَوَّنة الدرس الصوتي في مصادر القراءات القرآنية مفهومها، وأنواعها، وتطبيقاتها”، حيث وقفت مداخلته على ما تفيضه مفاهيم المدونة بمستوياتها الثلاثة؛ مستوى الأداء الشفوي، ومستوى التشكيل الخطي، ومستوى التحليل الفكري. ولكل من هذه المستويات مكونات وخصائص وتطبيقات. ثم تحدث عن كيفية إسهام هذه المدونة في صياغة النظرية الصوتية، من خلال مصادر القراءات القرآنية، بتتبع مختلف السياقات الصوتية وتداعياتها، مع إبراز تشكل المدونة الصوتية بمستوييها التنظيري والتطبيقي، وكيف أسهم مفهومها وأنواعها وتطبيقاتها في تشكيل البعد الصوتي بمختلف تفاصيله المعرفية والمنهجية.
ثم تسلم الكلمة الأستاذ الدكتور جزاء المصاورة من جامعة مؤتة بالأردن ليلقي مداخلة بعنوان “قراءة (إنا أنطيناك الكوثر) مقاربة لغوية جديدة”، وحاول من خلالها تقديم تفسير جديد لتبرير القراءتين الواردتين عن الرسول صلى الله عليه وسلم للآية الأولى من سورة الكوثر، إذ قرأ عليه السلام مرة إنا أعطيناك، وقرأ مرة أخرى إنا أنطيناك، بعدما رفض فكرة المحدثين لإبدال العين بالنون التي أشار إليها غير واحد من القدماء، ورفض تبريرات بعض المحدثين كقولهم أن الفعل (أنطى) من اللغات السامية وقد تطور عن الفعل (آتى) أو الفعل (نطا) أو (أنطى). ولقد توصل إلى أن كلمة (أنطى) متطور من الفعل (أندى)، وقد عزز فرضيته بالتحليل الصوتي الذي يؤكد احتمالية انقلاب الدال طاء.
وبعد ذلك أخذ الكلمة للدكتور محمد صالح بوعافية الأستاذ بجامعة ورقلة في الجزائر لإلقاء بحثه الموسوم بـ: “إطلاقات المصطلح القرائي ودلالته على الظاهرة الصوتية (مصطلح ألف الإدخال والإمالة والسكت أنموذجا)”، مقسما إياه بعد المقدمة إلى ثلاثة مباحث؛ خصص الأول للحديث عن ألف الإدخال وإطلاقاته. واهتم في الثاني بالإمالة وإطلاقاتها؛ وذلك في مطلبين: عرض في الأول الإمالة الكبرى وإطلاقاتها، وفي الثاني الإمالة الصغرى وإطلاقاتها. أما المبحث الثالث والأخير فقد تحدث فيه عن السكت وإطلاقاته، ثم أنهى كلمته بمجموعة من النتائج التي خلص إليها في بحثه.
أعقبتها مداخلة الدكتورة غنية بوحوش من جامعة محمد الصديق بن يحيى جيجل بالجزائر المعنونة بـ: “المصطلح القِرائي الصّوتي في الــمُنَبِّهَة لأبي عمرو الدّاني”، والتي حاولت فيها عرض ورصد المصطلح القرائي الصوتي من خلال دراسة أرجوزة المنبهة لأبي عمرو الدّاني. وقبل عرضها للمصطلحات القرائية الصوتية التي تتبعتها، قدمت تعريفا موجزا للأرجوزة ولصاحبها باعتباره عَلما من كبار علماء المدرسة القرائية المغربية، لتنتقل بعد ذلك إلى عرض بعض المصطلحات القرائية؛ من قبيل: مصطلحات مخارج الحروف، وصفات الحروف، بالإضافة إلى مصطلحات الظواهر الصوتية المختلفة.
وتذهب الباحثة إلى أن الداني اتبع منهجا مختلفا في أرجوزته؛ فقد اتسم بالثراء والتنوع والتعدد المصطلحي. كما أشارت إلى أن الأرجوزة كان لها هدف تعليمي تمثل في الإرشاد إلى بعض طرائق الكشف الصّوتي التجريبي الذاتي.
ثم خلصت إلى أن الداني كان له حسّ صوتي دقيق، مكنه من إدراك حقيقة الظواهر الصوتية المختلفة، ولَحْظِ الفروق بينها، ومن ثم وصفها، والمقارنة بينها، وانتقاء المصطلح المناسب للدلالة عليها، كما أكدت في نتائجها على تأكيد الصلة بين علم الأصوات وعلم القراءات.
تلتها مداخلة الدكتور محمد بن حجر، من جامعة يحيى فارس – المدية – الجزائر، بعنوان: “الحروف المقطعة في فواتح السور بين علم الأصوات وعلم القراءات”. والذي استهل ورقته بعرض نظرة موجزة على عناية علماء الإسلام بالحروف عامة والحروف المقطعة خاصة.
وكان أول المحاور التي عرضها الأستاذ ما يتعلق بالحروف المقطعة في علم الأصوات وفي علم المعاني؛ وقسم الأستاذ هذا المحور إلى شقين. الشق الأول اهتم بالحروف المقطعة في علم الأصوات، أما الشق الثاني فتناول الحروف المقطعة في علم القراءات. ولقد قسم العارض هذه النقطة إلى نقط فرعية وهي: الحروف المقطعة وعلماء العدد، الحروف المقطعة والوقف، الحروف المقطعة والمد، الحروف المقطعة والإمالة، وأخيرا الحروف المقطعة والإدغام.
وختم الباحث عرضه بالإشارة إلى أن تناوله لبعض كتابات علماء الإسلام عن فواتح السور بالحروف المقطعة، من خلال بحثه، اقتصر فيه على الجانب الصوتي والجانب القرائي. وأن هذا البحث ما زال في حاجة إلى بيان.
الجلسة العلمية الثالثة:
ترأس أشغال هذه الجلسة الدكتور سعيد بن محمد القرني عميد كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية، ووجه الكلمة الأولى إلى الدكتور سعيد بن علي الغامدي من نفس الجامعة ليعرض مداخلته المعنونة بـ: “التوجيهات الصوتية لقراءة يزيد بن قطيب الشامي – عرض ودراسة –”، واستهل مداخلته بشكر الجهات المنظمة للمؤتمر، ثم أكد على أن قراءة يزيد بن قطيب من القراءات الشاذة وأن هذا النوع من القراءات أصل من أصول السماع، ويقول العارض إنه قام بتتبع الظواهر الصوتية في القراءة المحددة وجمع ما بها من توجيهات صوتية، وأن بحثه تشكل من مقدمة وخاتمة ومبحثين عرض في المبحث الأول ترجمة يزيد بن قطيب. وبين في المبحث الثاني التوجيهات الصوتية في قراءة يزيد بن قطيب، ومن بين الظواهر الصوتية التي استخرجها ظاهرة المناسبة الصوتية، كقراءته بالإتباع وبالإبدال والإدغام، كما أشار إلى أن ابن قطيب قرأ بمخالفة رسم المصحف، وبظاهرة التنوع اللغوي والاختلاف الصوتي، والقراءة بالتخفيف.
بعدها ألقى الدكتور سيف الدين الفقراء من جامعة مؤتة بالأردن مداخلته الموسومة بـ: “المغايرة الصوتيّة وأثرها في توجيه القراءات القرآنية”؛ إذ تناول فيها مظاهر من المغايرة الصّوتيّة وأثرها في توجيه القراءات القرآنيّة، ثم عرّج على مفهوم المغايرة وما استعمل لها من مصطلحات، ووصف فيها كيفية تطور البحث لدى علمائنا القدامى والمعاصرين، ثمّ بسط القول في مظاهر المغايرة في توجيه القراءات، وآراء العلماء في تلك المظاهر، مبرزاً أهم ما توصل إليه بحثه عبر المحاور التاليّة: المغايرة بين الصوائت في القراءات القرآنيّة/ المغايرة بين الصوامت في القراءات القرآنيّة/ طرائق المغايرة الصّوتيّة في القراءات القرآنيّة/ المغايرة في القراءات مسوغاتها ودلالاتها. وقد وفق بحثه في إبراز التكامل المعرفي بين علم القراءات وعلم الأصوات، ودور علم الأصوات في توجيه هذه الظاهرة.
ثم أعطيت الكلمة للدكتور ابراهيم طبشي من جامعة ورقلة في الجزائر لإلقاء ورقته المعنونة بـ: “ظاهرة التنوين صوتيا ونحويا وتطبيقها في روايتي ورش وحفص”؛ بحيث استعرض في بداية عرضه إشكال التنوين في اللغات السامية. ثم انتقل إلى التنوين عند علماء النحو واللغة؛ متوقفا عند نظرة هؤلاء إلى التنوين، مذكرا في الوقت نفسه أن التنوين من خواص الاسم.
واستعرض الباحث التنوين عند علماء التجويد وأهم ما انتهوا إليه بهذا الخصوص. كما عرّج على الاختلاف بين القراءات القرآنية؛ حيث ذكر أن الاختلاف بين القراءات محصور فيما نقله الإمام الزرقاني عن الإمام الرازي بكونه لا يتعدى سبعة أحرف. ثم ختم كلمته بتقديم أوجه الاختلاف في ظاهرة التنوين بين روايتي ورش وحفص. وقد حصر هذه الأوجه في الاختلاف النحوي والاختلاف الإفرادي والاختلاف الصوتي الإيقاعي.
وانتهى في نهاية عرضه إلى التعرف على ما يقابل التنوين في بعض اللغات السامية، كما توقف عند اهتمام علماء النحو واللغة والتجويد بهذه الظاهرة. وكيف كانت الاختلافات من حيث اختلاف وجهات النظر.
أعقبتها مداخلة الدكتورة نازك إبراهيم عبد الفتاح من جامعة عين شمس بمصر والمعنونة بـ: “المتغيرات الصوتية في القراءات القرآنية”؛ حيث حددت في بداية مداخلتها مجال دراسة مخارج الحروف وصفاتها. ذلك أن علماء الأصوات وعلماء القراءات يتفقون على أن هناك تدرجا في حدوث الأصوات التي تخرج من مخرج واحد.
ثم انتقلت الأستاذة إلى نقطة تتعلق بتعدد القراءات لتعدد اللهجات العربية؛ بحيث إن القرآن الكريم ولحكمة إلهية نزل بلهجات العرب المختلفة ليفهمه العرب كافة. وقدمت الأستاذة ظواهر من هذا الاختلاف كالكسكسة والكشكشة والعنعنة والاستنطاء. وانتهت إلى استحالة حصر أوجه اختلاف اللهجات العربية.
كما أفاضت الباحثة في ورقتها الحديث عن المتغيرات الصوتية، مشيرة إلى أن مصطلح المتغير الصوتي يدل على الصورة الصوتية في مجال الفونولوجيا. مبرزة دور سيبويه في تأصيل هذا المصطلح. حيث أشار إلى أنه نوع من النطق المختلف لبعض الحروف. وأنهت الأستاذة عرضها بالإشارة إلى أنها استخلصت من خلال بعض الصور الصوتية ما يتعلق باللام والراء والهمزة. معتبرة أن سيبويه كان رائد هذا النوع من الدراسات قبل أن يتطرق لها المحدثون.
وانتقلت الكلمة إلى الدكتور عبد الرحمن معاشي من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر ليلقي مداخلة بعنوان: “مظاهر التوجيه الصوتي وأثره في نقد القراءات القرآنية” وقد استهل مداخلته بشكر الجهات المنظمة للمؤتمر، وعمد إلى تحديد المقصود بالتوجيه الصوتي وتعيين المقصود بنقد القراءات. وأكد على أن موضوع نقد القراءات القرآنية من المواضيع التي تحتاج إلى مزيد عناية. وانطلق المتدخل من إشكالية مفادها ما مدى حضور المستوى الصوتي في نقد القراءات القرآنية؟ وما أثره؟ وبعدها انتقل إلى بسط نماذج من مظاهر التوجيه الصوتي في نقد القراءات القرآنية بلغ عددها إحدى عشر مثالا سعى من خلالها الكشف عن مظاهر الموضوع المدروس.
ثم ألقى بعدها الدكتور عمر بن عمي من جامعة ابن زهر بالمغرب مداخلته الموسومة بـ:”القيمة التعبيرية في الأصوات القرآنية ” والتي انطلقت من فرضية مفادها: أن القيمة التعبيرية للأصوات تستمد مشروعيتها من الأصوات نفسها، وأن التحليل الصوتي يضفي على الاختلاف في القراءات القرآنية غنى وثراء في المعنى ينسجم مع البؤرة الدلالية للخطاب القرآني. وقد أجاب هذا البحث عن سؤال العلاقة بين الصوت وقيمته التعبيرية من خلال تعدد القراءات القرآنية، انطلاقا من سورة الناس وبعض الآيات القرآنية كنماذج تطبيقية.
وتوصل الباحث لنتائج مهمة من بينها: أن الاختلاف في القراءات القرآنية بالزيادة الصوتية، أو بنقصانها، أو بتعدد شكلها ونطقها… يغني البؤرة الدلالية من خلال القيمة التعبيرية الحاصلة في التراكم الصوتي وفي خصائص الأصوات نفسها، وأنه لا أثر للتناقض في الدلالات المتحصلة من تعدد القراءات، بل بينها تكامل وانسجام. كما أن مقاربة القراءات القرآنية في ضوء العلاقة بين المكون الدلالي والصوتي تقتضي درجة عالية من الحذر ومن التمكن من علم الأصوات، كما تقتضي الانطلاق من الصوت صوب الدلالة، وليس العكس؛ وبالتالي يمكن للصواتة أن تفتح آفاقا واسعة أمام علم الدلالة.
تلتها مداخلة الدكتور سعيد بن محمد آل يزيد، من جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية، وكانت تحت عنوان: “أثر الأداء في انحراف الدلالة” وقد افتتحها بالإشارة إلى أهمية الموضوع وسبب اختياره ومنهجه فيه.
أما المبحث الأول فقد تناول مظاهر انحراف الدَّلالة بانحراف أَداء الحرف والمبحث الثاني عرض فيه أسباب المخالفة فِي أَداء الحرف. كما قدم أثناء حديثه عن أسباب المخالفة، الطرق والمحاولات التي قدمها القدماء لمواجهة هذه الظاهرة، ليقدم في الأخير النتائج التي توصل، والتي نجمل أهمها في:
- اتفاق الدراسات الحديثة مع الدراسات اللغوية العربية القديمة في أسباب المخالفة في أداء الحروف.
- قدم اللغويون من النحويين وعلماء القراءات قديما وحديثا جهودا مضنية في تقويم أداء حروف العربية، خاصة اللحن الذي يعتري الحروف، ويؤدي إلى أخطاء صوتية وإعرابية تنحرف بالمعنى المُراد إلى آخرَ غيرِ مَرُومٍ.
- فصّل البحث أسباب المخالفة في أداء الحروف، فكان منها العضوية وغير العضوية؛ كالاجتماعية، والنفسية، والتربوية، والوراثية.
الجلسة العلمية الرابعة:
استؤنفت أشغال المؤتمر في اليوم الثاني بأربع مداخلات خلال الجلسة العلمية الرابعة التي ترأسها الدكتور عبد الله بن رقية الأستاذ بدار الحديث الحسنية – المغرب واستهلت بمداخلة الدكتور سعيد بن محمد القرني الأستاذ بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية لعرض بحثه المعنون بـ: “الصوت الفيزيائي والصوت اللغوي في ميزان التفاضل والتكامل”؛ حيث افتتح مداخلته بتوضيح السياق الذي يندرج فيه هذا البحث؛ منتقلا إلى الحديث عن إشكالية المصطلح، وبعد ذلك التمهيد عرف المصطلحات الآتية لغة واصطلاحا: الصوت والفيزياء والصوت الفيزيائي واللغة والصوت اللغوي، مشيرا في خلال ذلك إلى علاقاتها ببعض المصطلحات الأخرى.
أما المداخلة الثانية في هذه الجلسة فهي مداخلة الدكتور جيلالي بن فريحة من المركز الجامعي أحمد بن يحيى الونشريسي بتيسميسلت بالجزائر والموسومة بـ: “التعليل الصوتي لضبط ألف الوصل في الرسم القرآني لقراءة نافع”؛إذ انطلق في تقديم ورقته من عدة إشكالات علمية يتعلق مجملها بمصطلحي “همزة الوصل” و”ألف الوصل” وأيهما أقرب للصواب في الاستعمال، وبكيفية ضبطها بالنقطة والجرّ في قراءة نافع، وكيفية ضبطها في حال اقترنت بهمزة القطع، وللإجابة على هذه التساؤلات قدم الباحث مجموعة من النصوص التراثية المتخصصة، والتي بينت أن مصطلح ألف الوصل أقرب للصواب في التسمية من همزة الوصل؛ وذلك لتأصيل هذا المصطلح عند أهل الاختصاص من العلماء.
وبيّن الباحث الحالات التي تكون عليها ألف الوصل إذا ما اقترنت بهمزة القطع، وقد مثل لذلك بمجموعة من الآيات القرآنية. ثم خلص إلى أن البحث في موضوع الرسم القرآني موضوع دقيق يخضع لقواعد معينة أقرّها أهل القراءة والتجويد، مستندين في ذلك على ما كان في الكتابة الأولى، وأنها تستند إلى المشافهة والتلقي وهذا هو أساس التواتر للقراءة الصّحيحة.
أعقبتها مداخلة الدكتور نجيب العماري، من الكلية المتعددة التخصصات بالناظور-المغرب، المعنونة بـ: “توجيه ظواهر الرسم العثماني وأثره في الكشف عن معاني القراءات” محاولة التهامي الراجي الهاشمي نموذجا. وقد استهل ورقته بالتعريف بالرسم العثماني لغة واصطلاحا. ثم انتقل إلى بيان علاقة الرسم القرآني بالقراءات القرآنية المتواترة. فاجتهد الأستاذ في استعراض نماذج من الآيات القرآنية تثبت علاقة الرسم بالقراءات وما ينجم عن كل ذلك.
ثم انتقل إلى بسط بعض القضايا والنماذج التي تخص القراءات القرآنية والرسم العثماني، متوقفا عن بعض النماذج الدالة على ارتباط المعاني القرآنية بالرسم. معضدا بهذا الخصوص ما ذهب إليه ببعض أقوال الأستاذ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي رحمه الله. وأنهى الباحث مداخلته بالكشف عن بعض من توجيهات أسرار الفصل والوصل في الرسم القرآني.
وبعد ذلك انتقلت الكلمة إلى الدكتور محمد ولد دالي الأستاذ بجامعة يحي فارس في الجزائر لإلقاء بحثه الموسوم بـ: “مراتب القراءة القرآنية ومستويات الاستعمال اللغوي الخصائص الصوتية: دراسة وصفية تحليلية”، وذلك في أربعة مباحث بعد المقدمة، تحدث في أولها عن القراءة القرآنية وعلم القراءات، ووصف في المبحث الثاني مراتب القراءة القرآنية عند علماء القراءات وأهميتها، وبين في الثالث مستويات استعمال اللغة، كما وضح في الرابع علاقة اللغة العربية بمراتب القراءة القرآنية، ثم ختم كلامه بخلاصة شاملة لبحثه.
الجلسة العلمية الخامسة:
استفتحت هذه الجلسة، والتي ترأسها الدكتور عزيز الخطيب الأستاذ بدار الحديث الحسنية – المغرب، بمداخلة للدكتورة نادرة بنسلامة من المعهد العالي للغات بتونس المتمحورة حول: “التعليل الصوتي لرسم هاء الكناية في القراءات العشر”، وقد ناقشت الأستاذة الباحثة في بداية مداخلتها مفهوم هاء الكناية، ثم انتقلت للحديث عن هاء الكناية في الرسم العثماني الذي اختيار رمزي الصلة سواء أكانت كبرى أو صغرى، وشرحت بعد ذلك الدلالة الفنولوجية للصلة، كما ناقشت بالتفصيل-اعتمادا على الفنولوجية النغمية- أحوال هاء الكناية وصورها أي أحكامها، وهي: الوصل، والقصر، والإسكان. وفي الأخير قدمت أمثلة لهاء الكناية في الآيات المتفق عليها بين القراء والآيات المختلف فيها فيما بينهم.
تلتها المداخلة المشتركة بين الدكتور محمد التاقي والأستاذة سارة ذهاب من جامعة محمد الخامس بالمغرب الموسومة بـ: “تصرف الهمزة في القراءات القرآنية: دراسة ثلاثية الأبعاد”؛ حيث انطلقت المداخلة من افتراض مفاده أن التمثيل المنطلق للسياق الذي يحتمل ظهور أو عدم ظهور الهمزة هو نفسه بالنسبة لجميع القراءات، وأن الاختلافات والتنوعات التي تميز قراءة عن أخرى مرتبطة بالضوابط الفاعلة في تنظيم العلاقات بين مكونات الكلم العربي، وأن تنوع تصرفات الهمزة على مستوى التحقق الصوتي هو أمر خاضع لشبكة علائقية في مستوى أعلى من المستوى القطعي، ونقصد به المستوى فوق مقطعي.
والغاية من البحث هي استثمار ما تقدمه لنا القراءات والدراسات التي أنجزت في إطارها لأجل استجلاء ملامح اللسان العربي، باعتباره نظاما يزخر بتنوع نحوي داخلي يشمل مختلف المنوعات اللسانية العربية.
كما عرض الباحثان أحوال الهمزة في القراءات القرآنية والتصنيفات التي خضعت لها سواء على مستوى الظواهر المتصلة بتصرفها: التحقيق، والحذف، التسهيل، النقل، … أو على مستوى الأسيقة التي وردت في القرآن الكريم. وأيضا أهم مرتكزات النظرية التي اعتمدها الباحثان في تحليل وتفسير المعطيات المدورسة.
ثم منحت الكلمة للدكتور محمد الفتحي من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين – فاس – بالمغرب ليلقي مداخلة بعنوان: “سيرورات المماثلة الصوتية بين علم القراءات القرآنية والمنظور الصواتي الحديث”. تبحث هذه الورقة في دراسة المماثلة الصوتية باعتبارها ظاهرة أساسية في النسق الصوتي للغة العربية؛ حيث انطلقت من فرضية أساسية تفيد كون المماثلة ظاهرة صوتية متعددة الأبعاد تحكمها قيود صرفية تطريزية وصواتية يتجاوز نطاقها البعد النطقي والسمعي الصرف، وأنها إن كانت ذات طبيعة صوتية مادية فهي أيضا ذات مظهر معرفي.
بعدها سعى الباحث إلى إعادة صياغة أحكامها وسيروراتها كما يقدمها علم القراءات القرآنية، مستثمرين عدة نظرية ومنهجية ومفاهيمية تمتح من اجتهادات النظرية التوليدية الصواتية والتطريزية الحديثة. وبحث أيضا في بعض قضايا المستوى الصوتي في القراءات القرآنية المتعلقة بأوجه المماثلة وتعليلاتها الصوتية.
وخلص في الأخير إلى أن المماثلة تعد من أبرز ظواهر التغيير الصوتي في اللغة العربية، وقد حظيت بدراسة مفصلة في علم القراءات القرآنية، مما وفر للدرس الصوتي العربي المعاصر معرفة صوتية عولجت باستثمار مفاهيم علم الأصوات والصواتة الحديثة ومعطياتها. فأمكن النظر إليها باعتبارها سيرورات متعددة الأبعاد، تجمع بين المستوى النطقي والسمعي والإدراكي، ويمدنا الجيل الجديد من نماذج الصواتة التوليدية الحديثة بأدوات لإعادة توصيفها ونمذجة مساراتها.
أعقبتها مداخلة الدكتور يوسف أدراوا من جامعة السلطان مولاي سليمان بالمغرب، والتي كانت بعنوان: ” القيود الصواتية وقضايا الرسم الخطي في القراءات القرآنية “. وقد ركز في مداخلته على القيود الصواتية التي تحكم قضايا الرسم الخطي في القراءات القرآنية. وعالج ظاهرة تشديد التاء في قراءة البزي بتحديد قيود حذف إحدى التاءين في الفعل المضارع من قبيل “تتنزل” التي يحققها “تنزل”، في إطار الصواتة اللاخطية ممثلة في أعمال كولد سميث (1990-1976) ومكارتي (1982-1981-1979) وكليمنتس (1985) وساجي (1986) وغيرهم؛ وذلك في عنصرين: خصص العنصر الأول للإطار النظري؛ وبين فيه أن التكامل المعرفي بين علمي الأصوات والقراءات القرآنية يستند إلى قيود صرف صواتية. والعنصر الثاني لتمثيل حذف التاء في قراءة البازي في الرسم الخطي تمثيلا متعدد الخطوط. وخلص العارض إلى:
- أن تفسير بعض الظواهر الصوتية في القراءات القرآنية محكوم بقيود صرف – صواتية.
- يشترك علم الأصوات وعلم القراءات في موضوع الدراسة وهو الصوت الكلامي، لا الحرف الذي يعد موضوعا لعلم الرسم، ولا يسجل الصوت المنطوق.
- يؤكد اللاتطابق الصوتي-الخطي عدم كفاية تصورات اللغويين العرب القدماء في تفسير الظواهر الصوتية في القراءات القرآنية.
- الصواتة المستقلة القطع بمقدورها تفسير الإشكالات التي ينتج عنها التضعيف ليس في الأبنية الصرافية فحسب، بل حتى في قضايا القراءات القرآنية كما في قراءة البزي.
وكانت المداخلة الأخيرة، والتي كانت نتاجا لعمل مشترك بين الدكتورة فاطمة أخدجو من جامعة القاضي عياض بالمغرب، والدكتور عبد العظيم بن محمد عيسى من جامعة مارا للتكنولوجيا بماليزيا، بعنوان: “اختلاف الحركات في القرآن الكريم في ضوء علم الصوت الحديث”.
وقد عرضت المداخلة دراسة صوتيّة حديثة لقواعد الحركات في القرآن الكريم باعتماد النّموذج المعيار في الصّواتة التّوليديّة، ونظريّة السّمات المميّزة، دون إغفال اجتهادات القدامى في هذا المجال. ثم تناولت الورقة وصفا لكلّ صوت على حده من خلال تحديد سماته المميّزة، مع اقتراح قواعد صواتيّة صوريّة (الطّابع الصّوريّ) وصياغتها، فضلا عن تفسيرها (الطّابع غير الصّوريّ). باعتماد الباحثين في ذلك على كتاب النّشر في القراءات العشر كمصدر رئيس لنماذج هذا المقال، باعتباره ضمن أهم الكتب وأغناها في مجال القراءات القرآنيّة.
الجلسة التكريمية:
ترأس الجلسة الختامية الدكتور مولاي المصطفى أبو حازم الذي ذكر في بداية كلمته بالسّنة التي يسنها مختبر الترجمة وتكامل المعارف ألا وهي تكريم علامة من العلماء الأجلاء المغاربة من خلال المؤتمرات التي ينظمها المختبر، شاكرا في الوقت نفسه الساهرين على هذا المحفل العلمي، وبشكل خاص مدير مركز الكندي للترجمة والتدريب الدكتور عبد الحميد زاهيد.
وتناولت كلمات المتدخلين مناقب الأستاذ المحتفى به الدكتور عبد الهادي حميتو، واتفقت على رسوخه العلمي وخدمته كتاب الله تعالى، كما أشار السادة الأساتذة إلى ما يتميز به المحتفى به من أخلاق عالية مع استعراض مراحل مختلفة من مساره العلمي.
وفي نهاية هذه الجلسة التكريمية أشار الدكتور مولاي المصطفى أبو حازم إلى النجاح الذي حققه هذا المؤتمر الدولي، ثم سلّم الدكتور عبد الرحيم بنعلي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدرع التكريمية للأستاذ المحتفى به العلامة عبد الهادي حميتو.