سلسلة محاضرات للدكتورة جوليان هاوس 2019

تقرير عن سلسلة المحاضرات التي ألقتها العالمة الألمانية جوليان هاوس المتخصصة في الدراسات الترجمية لفائدة الأساتذة
والباحثين والطلبة المتخصصين في علم الترجمة.
أيام: 11،12 13 مارس 2019″
برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية – مراكش-.
اليوم الأول: تقييم جودة الترجمة بين الماضي والحاضر

     بدأت المحاضرة الأولى بتقديم الدكتور حسن درير للعالمة جوليان هاوس كأحد أشهر علماء نظرية الترجمة الحديثة، وتقييم جودتها. وهي عالمة لغوية ألمانية وباحثة في دراسات الترجمة. هاوس ليست متخصصة في تقييم جودة الترجمة فحسب، بل أيضًا في مجالات مختلفة مثل البراغماتية التباينية، وتحليل الخطاب، ونظرية المداراة Politeness theory واللغة الإنجليزية كلغة مشتركة بين الثقافات، والتواصل الدولي، والتواصل التجاري العالمي. البروفيسورة هاوس هي أيضًا محاضرة في العديد من الجامعات العالمية، أضف إلى هذا أنها رئيس الرابطة العالمية للترجمة والتداخل بين الثقافات .(IATIS) ثم قام الدكتور درير بعد ذلك بسرد عدداً من منشوراتها وأعمالها.
بدأت البروفيسورة هاوس محاضرتها بتوجيه الشكر للدكتور عبد الحميد زاهد رئيس مختبر تكامل المعرفة والترجمة والدكتور حسن درير رئيس مركز الكندي للترجمة والتدريب على دعوتها كما شكرت الحضور وأعربت عن سعادتها لوجودها في المغرب لأول مرة في حياتها. ثم شرعت في تقديم نقاط المحاضرة.
تعتبر البروفيسورة هاوس أن الترجمة هي في الأساس عملية لغوية، وأن التكافؤ يعد واحدًا من أدوات تقييم جودة الترجمة. وقد تحدثت باختصار عن الطرق المختلفة لنظرية الترجمة، وتقييم جودتها، وتناولت الطرق الاجتماعية النفسية ونظريات العقلانين، والطرق القائمة على الاستجابة ومنها أفكار السلوكيين والوظيفيين، وطرق الخطاب الموجه والنص، ودراسات الترجمة الموصوفة، بالإضافة إلى طرق السياسة الاجتماعية والثقافية والفلسفية، و اللغوية الموجهة للمقاربات السابقة المتبعة في إدارة جودة الترجمة وحللتها بشكل نقدي وصنّفتها في فئات مثل “النفسية-الاجتماعية”، “القائمة على الاستجابة”، و”النص والخطاب الموجه”. ثم تحدثت عن بعض المقترحات الأخيرة لتقييم جودة الترجمة.
بعد وضع الأساس المفاهيمي، تناولت البروفيسورة هاوس نموذجها المبتكر لتقييم جودة الترجمة في نسخة 1977 ثم التعديلات التي أدخلتها سنة 1997 وتطبيقهما على نصوص مختلفة لإثبات صلاحيتها. ثم تحدثت عن المفاهيم الأساسية لهذا النموذج، وذكرت أن وظائف اللغة هي ليست وظائف النصوص، وتوصلت إلى تصميم نموذج مبتكر خاص بها لتقييم جودة الترجمة قسمته إلى خمسة أقسام متحدثة عن فعالية هذا النموذج وطريقته الجديدة في تحليل ومقارنة النصوص التي تمثلت في ثلاثة مجالات نصية رئيسية.
في نموذجها الأحدث، أعطت البروفيسورة هاوس المزيد من الاهتمام لجوانب مثل تعدد الثقافات والظواهر الاجتماعية بالإضافة الى العملية المعرفية للترجمة. قامت بالاعتماد في نموذجها الأول على مقاربة نوعية بشكل أساسي، أما في نموذجها الأخير فقد اعتمدت على المجاميع (corpora) كأداة مهمة في أبحاث الترجمة. و شددت أيضًا على أهمية تخصصات البراغماتية التعددية، وأخيراً، قدمت باختصار دور التجربة اللغوية النفسية والبحث اللغوي العصبي للترجمات والمترجمين كتمهيد لمحاضرتها في اليوم الثاني تحث عنوان “نحو اتجاه إدراكي لغوي جديد في دراسات الترجمة. ”

اليوم الثاني: تقرير المؤتمر – ملخص
نحو اتجاه لغوي معرفي جديد في دراسات الترجمة
محاضرة للبروفيسورة جوليان هاوس
من جامعة هيلينيك الأمريكية
في جامعة القاضي عياض، مراكش
12 مارس 2019

    استهلت جوليان هاوس محاضرتها الثانية -التي تحمل عنوان “نحو اتجاه لغوي معرفي جديد في دراسات الترجمة”-باعتبار الترجمة فن: محطة اهتمام الافراد، والمجتمع، والثقافة. وهنا أكدت هاوس على مدى أهمية موقف المترجم الأخلاقي، مشيرة إلى مواقفها الأيديولوجية والسياسية والتاريخية والنسوية. بالنسبة لها، تعتبر الترجمة عملية ابتكار يقوم بها المترجم، حيث يتقن فن النقل والتفسير. لذلك تكتسي شخصية المترجم أولوية على النص. لهذا السبب توجد هناك دعوة لتوجه لغوي معرفي جديد. الأساس المنطقي وراء هذا التوجه المعرفي اللغوي هو أن الترجمة أكثر من مجرد تعبير شخصي أو اجتماعي وذلك لأن التركيز على الترجمة ينصب باعتبارها عملية على اللغة/النص لإيجاد توازن بين العوامل الخارجية التي تؤثر على الترجمة خارجيًا والبحث عن وضع المترجم الثنائي اللغة. وقد اقترحت هاوس أن هذا التوجه يحتاج إلى وصف وشرح عمليات الفهم اللغوي للنص، ونقل وإعادة صياغة التركيبة في العقل ثنائي اللغة.

تحدث جوليان هاوس أيضًا عن المشاكل التي واجهت عملية البحث السابقة. وتقول إنه “على الرغم من المحاولات العديدة لتحسين التفكير بصوت عالٍ واعتماد منهجية استرجاعية عبر التدريب التحضيري لتحسين التعبير اللفظي للمصطلحات، فلا يزال الافتراض العام وراء هذا البحث موضع تساؤل”. هناك بعض المشاكل التي لم يتم حلها في مرحلة التأمل الداخلي و استعراض الأحداث الماضية‏ وذلك نظرًا لأن المترجمين لديهم سيطرة على عملياتهم العقلية، وبالتالي الوصول إليها بشكل جزئي على الأقل تعبر على أن هنالك إمكانية للفحص المقصود. كحل للمعضلة، اقترحت هاوس تجارب سلوكية. تعتمد أهمية دراسات التصوير العصبي للترجمة على نموذج (بارادي2009). بالنسبة إلى بارادي، فإن “أي استخدام غير طبيعي للغة (بما في ذلك التبديل الطبيعي) له نفس النتيجة مثل استخدام الكلمات المفردة: لا تستغل المهمة العمليات التلقائية الطبيعية التي تدعم الاستخدام الطبيعي للغة، بما في ذلك مساهمة البراغماتية وأسسها العصبي”. اقترحت هاوس نموذج “بارادي”، وهو نموذج يحتوي اللغتان على مجموعتين فرعيتين من الروابط العصبية، واحدة لكل لغة، والتي يتم تنشيطها/تثبيطها بشكل مستقل. هناك أيضًا مجموعة أكبر يمكن من خلالها استخلاص عناصر من كلتا اللغتين. يتم تحديد كل الاختيارات تلقائيًا (بدون وعي) بواسطة تنشيط المستويات المسموحة.
قدمت هاوس -في الختام- نوعين من الترجمة: العلنية والسرية، حيث في الترجمة العلنية لا تتم مخاطبة مستلمي النصوص الهدف مباشرة؛ بل يتم الاشارة إليهم في سياق جديد وفي نفس الوقت في أصل أجنبي، الترجمة العلنية نموذج حي لحالة “ذكر اللغة”، حيث يمكّن لمستلمي النص الهدف من تقدير النص الأصلي في عالم الخطاب والإطار الجديد. أما في الترجمة السرية، فهناك حالة النسخة الأصلية في سياق اللغة الهدف، حيث لا يتم تمييزها بشكل عملي على أنها ترجمة. لا يوجد تفعيل مشترك للبراغماتية من النص الأصلي والنص الهدف، غالبًا ما يكون هناك تدخلات ضخمة على المستويات اللغوية/النصية، والمقام، والجنس الأدبي بسبب مساعدات براغماتية للنص الهدف من خلال استخدام مرشح ثقافي.

 

اليوم الثالث: تقرير المؤتمر – ملخص
اللغة الإنجليزية كلغة عالمية: تهديد للتعددية اللغوية؟
محاضرة للبروفيسورة جوليان هاوس
من جامعة هيلينيك الأمريكية
في جامعة القاضي عياض، مراكش
13 مارس 2019

تقديم
يلخص هذا التقرير محاضرة الأستاذة جوليان هاوس من جامعة هيلينيك الأمريكية عن اللغة الإنجليزية كلغة عالمية: هل هي تهديد للتعددية اللغوية؟
نظم المؤتمر مركز الكندي للترجمة والتدريب ومختبر الترجمة وتكامل المعارف بدعم من جامعة القاضي عياض، في مراكش بالمغرب من 11 إلى غاية 13 مارس 2019..
أهداف محاضرة:
– دراسة تأثير اللغة الإنجليزية على اللغات الأخرى من خلال المد الإنجليزي، والإمبريالية اللغوية، وقيمة كيو للباحث دي سوان.
– التأكيد على أن اللغة الإنجليزية لا يمتلكها أي شخص.
– توفير منصة للمناقشة حول إمكانيات ELF في إغناء بحوث الترجمة والصناعة الترجمية.

نقاط المحاضرة
تنتمي هذه المحاضرة لسلسلة المحاضرات القيمة التي احتضنتها رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، وهي على التوالي: تقييم جودة الترجمة والترجمة المعرفية.
ترتكز هذه المحاضرة على فرضية أساسية مفادها أن اللغة الإنجليزية تؤثر على اللغات الأخرى وتهدد وجودها. وقد استهلت البروفيسورة محاضرتها بتعريف مصطلح لينغوا فرانكا وهو مصطلح عربي الأصل يفيد لغة الإفرنج. وهي عبارة عن لغة مشتركة بين الناطقين بلغات مختلفة لتحقيق دوافع مشتركة. وقد اقتبست البروفيسورة خاصية التنوع والتطور التي وصف بها فورث لينغوا فرانكا (فورث 2009).
وتضيف البروفيسورة جوليان هاوس أن التفوق المتداول للناطقين باللغة الإنجليزية لا يعدو أن يكون تفوقا لغويا لا يعكس تفوقا فكريا، وتدعو إلى استخدام لغة عالمية مشتركة لا يمتلكها أي شخص، لغة مرنة تستخدم بشكل أساسي للتواصل ولا تقلل من دور اللغات الأم في تجسيد معالم الهوية.
وقد شرحت البروفيسورة أيضًا دور المدونة أو المكنز في دراسة ما إذا كانت اللغة الإنجليزية “تلطخ” (هاوس 2003) اللغات الأخرى و بخاصة اللغات الأوروبية. قام فريق البروفيسورة ببحث تطبيقي بعنوان “الترجمة الخفية”، يرتكز هذا البحث على فرضية أساسية مفادها أن اللغة الإنجليزية تؤثر على معايير واختيارات اللغات الأخرى.
المشاركون
جمع المؤتمر حوالي 90 مشاركًا معظمهم من المغرب وأيضًا بعض طلاب التبادل من الاتحاد الأوروبي. مشاركون يمثلون ماستر في تكنولوجيا الترجمة والترجمة المتخصصة ، قسم الترجمة من المدرسة الوطنية العليا وباحثون من مختلف الأقسام.
أسئلة للمناقشة
 أثار الأستاذ درير حسن الصلاحية المحدودة للمدونة مع مرور الوقت.
 و أشار الأستاذ عبد الحميد زهيد أن اللغة الإنجليزية كلغة مشتركة مرتبطة بالسياق الثقافي. إذا كانت اللينغوا فرانكا تشكل تهديدا للتعددية اللغوية في الغرب، فإنها تعتبر حاجة في العالم العربي.
مخرجات المؤتمر و النتائج
كان هذا المؤتمر الأول من نوعه الذي يستضيف العالمة المعروفة – البروفيسورة جوليان هاوس – في مجال الترجمة على الصعيدين الوطني والإقليمي. كان الهدف هو مناقشة جديد البحث في مجال الترجمة وتجويد البحث في الجامعة. وحرص منظمو المؤتمر على تبادل الخبرات وتشجيع الطلاب واقتراح الإجراءات اللازمة للرفع من جودة التدريب والدراسات الترجمية في الجامعة.

مقالات ذات صله